87

Albert Camus

ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي

Genres

10

وفي التمرد يتحد المضطهد مع كل المضطهدين، وتتحقق «الهوية» التي تجمع بين الإنسان وأخيه الإنسان. والتمرد كذلك تضامن؛ ففيه يعلو الإنسان على نفسه، ويتجاوزها إلى الآخر. وفيه يعي الإنسان وجوده، كما يعي وجود الآخرين. وعن طريق هذا الوعي يعرف تضامنه مع كل من يشاركونه في الإنسانية، وفي نفس الوجود، سواء في ذلك توصلوا إلى ذلك الوعي أو لم يتوصلوا إليه. والتمرد كذلك نقي؛ لأن المتمرد لا يشتهي أن يملك شيئا لا يملكه غيره. وهو لذلك أيضا لا يمكن أن يختلط بالإحساس بالمرارة،

11

الذي يفترس الإنسان فيه نفسه بالحسد والحقد والندم. وهي نقية؛ لأن الإنسان في فعل التمرد يهب نفسه لما يكون جوهر الإنسان على الإطلاق، ويستعد للتضحية بوجوده في سبيل تأكيد هذا الوجود نفسه. وهو أخيرا نقي لأنه بريء؛ فكل تمرد هو في حقيقته شوق إلى البراءة.

12

يشتبه في ذلك الإنسان المتمرد بإنسان المحال؛

13

فكلاهما بريء في حقيقته وجوهره. هذه البراءة هي التي يعبر عنها «دييجو» بطل مسرحية «حالة حصار» حين يخاطب الوباء قائلا:

دييجو: نحن أبرياء! البراءة، أيها الجلاد، هل تفهم ما هي البراءة؟

الوباء: البراءة؟ أبدا، لم أسمع عنها.

Unknown page