140

Albert Camus

ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي

Genres

91

فالعناد والتصميم هنا أهم بكثير من البحث المنهجي عن حقيقة يقينية مؤكدة؛ إذ إن الحقيقة بما هي حقيقة شيء لم يمل كامي من الشك فيه كما رأينا من قبل.

قلنا إن عبارة كامي تشبه الكوجيتو الديكارتي (أنا أفكر، إذن فأنا موجود) على الأقل من ناحية الصياغة. إنها تقول: أنا أفكر، إذن فنحن موجودون. ويتضح لنا على الفور أن الإنسان الذي يقابلنا في هذه العبارة ليس هو الإنسان المفكر الذي رأيناه في الكوجيتو. إنه إنسان متمرد، يكتشف وجوده في الفعل لا في الفكر. وأول سؤال يتبادر إلى الذهن هو هذا السؤال: ما الذي يسبق الآخر: الوجود أم التمرد؟

غير أن هذا السؤال، الذي يقوم على الخلاف النوعي بين التمرد والوجود، يستند هو نفسه على الاعتقاد الخفي بأن عبارة «أنا أتمرد، إذن فنحن موجودون» نوع من القياس أو الاستدلال يستنبط فيه الوجود من التمرد. ولكن لما كان الوجود والتمرد كما رأينا من قبل يكونان في الحقيقة وحدة واحدة، بل كان التمرد كلمة أخرى للوجود الحقيقي؛ أعني للوعي الناصع العنيد عند الإنسان، فإن مثل هذا القياس لا يمكن إلا أن يكون مجرد تحصيل حاصل. فالواقع أن عبارة كامي لا يمكن أن تفهم فهما منطقيا-صوريا، بل ينبغي أن ينظر إليها نظرة ديالكتيكية-وجودية في فعل التمرد الفريد. ولو حاولنا أن نضع العبارة في صورة قياس صوري لكان من المحتمل أن تتكون لدينان هذه الأقيسة الثلاثة: (أ)

كل ما يتمرد فهو موجود.

أنا أتمرد،

إذن فأنا موجود. (ب)

حين أتمرد، أوجد.

أنا أتمرد،

إذن فأنا موجود. (ج)

Unknown page