Al-Laʾālī al-marjāniyya fī sharḥ al-qalāʾid al-burhāniyya
اللآلي المرجانية في شرح القلائد البرهانية
وممن أورد الإجماع على عدم جوازها إلا بإجازة الورثة ابن عبد البر رحمه الله تعالى في التمهيد بقوله: أجمع علماء المسلمين على أنه لا يجوز الوصية في أكثر من الثلث إذا ترك ورثة من بنين أو عصبة. وابن قدامة - رحمه الله تعالى - في المغني بقوله: وجملة ذلك أن الوصية لغير الوارث تلزم في الثلث من غير إجازة وما زاد على الثلث يقف على إجازتهم فإن أجازوه جاز وإن ردوه بطل في قول جميع العلماء... وذلك لأن الحق لهم فإذا رضوا بإسقاطه سقط.
وابن رشد الحفيد - رحمه الله تعالى - في بداية المجتهد ونهاية المقتصد بقوله: وأما القدر فإن العلماء اتفقوا على أنه لا يجوز الوصية في أكثر من الثلث لمن ترك ورثة، وقال ابن حجر - رحمه الله تعالى - واستقر الإجماع على منع الوصية بأزيد من الثلث ولكن اختلفوا في من كان له وارث.
القول الثاني: قول أهل الظاهر أن الوصية بأكثر من الثلث لا تجوز أجازها الورثة أو لم يجيزوها لقوله ﷺ لسعد بن أبي وقاص حينما قال يا رسول الله أنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة أفأتصدق بثلثي مالي قال: لا قلت: أفأتصدق بشطره قال: لا قلت: أفأتصدق بثلثه قال: الثلث والثلث كثير)) متفق عليه.
قال الماوردي - رحمه الله تعالى - قال الله تعالى ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ {١٢}﴾، الإضرار في الوصية أن يوصي بأكثر من الثلث وقد روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: الإضرار في الوصية من الكبائر.
وروى شهر بن حوشب عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة سبعين سنة ثم يوصي فيحيف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار سبعين سنة ثم يوصي فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة.
وحديث عمران بن حصين ﷺ أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته ولم يكن له مال غيرهم فجزّأهم النبي ﷺ أثلاثا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة وقال له قولاً شديدا) رواه الجماعة إلا البخاري، وفسر القول الشديد في رواية أخرى بأنه قال ﷺ (لو علمت ذلك ما صليت عليه)، ولم ينقل أنه راجع الورثة فدل على منعه مطلقاً، وقد وردت هذه الرواية في معجم الطبراني الكبير بلفظ ((لو علمت ذلك إن شاء الله ما صليت عليه))، وفيه أيضاً بلفظ ((قد
40