al-kharāj
الخراج
Editor
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Publisher
المكتبة الأزهرية للتراث
Edition
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Publication Year
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
سَعْدٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْخَيْلِ خَالِدَ بْنَ عَرْفَطَةَ؛ فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ قَالَ أَبُو مِحْجَنٍ:
كَفَى حَزَنًا أَنْ تَرْتَدِي الْخَيْلُ بِالْقَنَا ... وَأُتْرَكَ مَشْدُودًا عَلَيَّ وَثَاقِيَا
ثُمَّ قَالَ لامْرَأَةِ سَعْدٍ: أَطْلِقِينِي، فَلَكِ اللَّهُ عَلَيَّ إِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ أَنْ رَاجع حَتَّى أَضَعَ رِجْلِي فِي الْقَيْدِ وَإِنْ أَنَا قُتِلْتُ اسْتَرَحْتُمْ مِنِّي قَالَ: فَأَطْلَقَتْهُ حِينَ الْتَقَى النَّاسُ.
قَالَ: فَرَكِبَ فَرَسًا لِسَعْدٍ أنْثَى يُقَالُ لَهَا الْبَلْقَاءُ، وَأَخَذَ رُمْحًا وَخَرَجَ فَجَعَلَ لَا يَحْمِلُ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْعَدُوِّ إِلا هَزَمَهُمْ؛ فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَعَجَّبُونَ وَيَقُولُونَ: هَذَا مَلَكٌ لِمَا يَرَوْنَهُ يَصْنَعُ، وَجَعَلَ سَعْدٌ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: الصَّبْرُ صَبْرُ الْبَلْقَاءِ١ وَالطَّعْنُ طَعْنُ أَبِي مِحْجَنٍ، وَأَبُو مِحْجَنٍ فِي الْقَيْدِ!
فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْعَدُوَّ وَرَجَعَ أَبُو مِحْجَنٍ حَتَّى وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْقَيْدِ فَأَخْبَرَتِ امْرَأَةُ سَعْدٍ سَعْدًا بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَضْرِبُ الْيَوْمَ رَجُلا أَبْلَى اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى يَدَيْهِ مَا أَبْلَى. قَالَ فَخَلَّى سَبِيلَهُ. فَقَالَ أَبُو مِحْجَنٍ: قد كنت حَيْثُ كَانَ الْحَدُّ يُقَامُ عَلَيَّ وأطهر مِنْهَا، وَأما الْيَوْم فو الله لَا أَشْرَبُهَا أَبَدًا.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: كَانَتْ بُجَيْلَةُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ رُبُعُ النَّاسِ. قَالَ وَلَحِقَ رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ بِالْفُرْسِ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ بَأْسَ النَّاسِ هَاهُنَا لِبُجَيْلَةَ، قَالَ فَوَجَّهُوا إِلَيْنَا سِتَّةَ عَشَرَ فِيلا وَإِلَى سَائِرِ النَّاسِ فِيلَيْنِ، قَالَ: وَالله إِن عمر ابْن معديكرب يُحَرِّضُ النَّاسَ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ كُونُوا أُسْدًا عَنَابِسَةً؛ فَإِنَّمَا الْفَارِسِيُّ تَيْسٌ بَعْدَ أَنْ يُلْقِيَ نَيْزَكَهُ. قَالَ: وَأَسْوَارٌ٢ مِنْ أَسَاوِرَتِهِمْ لَا تَقَعُ لَهُ نَشَّابَةٌ فَقُلْتُ: اتِّقَاءً يَا أَبَا ثَوْرٍ، وَرَمَاهُ الْفَارِسِيُّ فَأَصَابَ فَرَسَهُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ عَمْرٌو فَاعْتَنَقَهُ، وَذَبَحَهُ كَمَا تُذْبَحُ الشَّاةُ وَأَخَذَ سَلَبَةُ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَقِبَاءٍ دَيْبَاجٍ وَمِنْطَقَةٍ بِالذَّهَبِ.
قَالَ فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ أُعْطِيَتْ بُجَيْلَةُ رُبُعَ السَّوَادِ فَأَكَلُوهُ ثَلاثَ سِنِينَ، ثُمَّ وَفَدَ جرير إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَالَ لَهُ: يَا جُرَيْرُ إِنِّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ، لَوْلا ذَلِكَ لَسَلَّمْتُ لَكُمْ مَا قَسَمْتُ لَكُمْ؛ وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ يُرَدَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَرَدَّهُ جُرَيْرٌ فَأَجَازَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا بِثَمَانِينَ دِينَارًا.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي حُصَيْنٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَانَ قَدِ اسْتَعَمَلَ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرَّنٍ عَلَى كُسْكَرَ. فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن
١ يَعْنِي فرسه.
٢ هُوَ الْقَائِد من قواد الْفرس.
1 / 42