Al-Kharaj
الخراج
Investigator
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Publisher
المكتبة الأزهرية للتراث
Edition Number
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Publication Year
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
مَثَلِي وَمَثَلَ كُسْكَرَ مَثَلُ رَجُلٍ شَابٍّ عِنْدَهُ مُومِسَةٌ تَتَلَوَّنُ لَهُ وَتَتَعَطَّرُ، وَإِنِّي أَنْشُدُكَ اللَّهُ لَمَا عَزَلْتَنِي عَنْ كُسْكَرَ وَبَعَثْتَنِي فِي جَيْشٍ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَكَتَبَ إِلَيه عُمَرُ أَنْ سِرْ إِلَى النَّاسِ بِنَهَاوَنْدَ فَأَنْتَ عَلَيْهِمْ -وَهَذَا حِين انْهَزَمت الْفرس من جلاولاء - فَائْتِ نَهَاوَنْدَ.
قَالَ فَسَارَ إِلَيْهِمُ النُّعْمَانُ فَالْتَقَوْا فَكَانَ أَوَّلُ قَتِيلٍ وُجِدَ سُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنِ١ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُمْ. وَهَزَمَ الْمُشْرِكِينَ فَلَمْ تَقُمْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ بَعْدَ يَوْمِئِذٍ.
وَأَمَّا غَيْرُ حُصَيْنٍ فَحَدَّثَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ لَمَّا شَاوَرَ الْهُرْمُزَانَ فِي فَارِسٍ وَأَصْبَهَانَ وَأَذَرَبِيجَانَ فَقَالَ لَهُ الهرمزان: إِن أَصْبَهَان الرَّأْي وَفَارِسٌ وَأَذْرَبِيجَانَ الْجَنَاحَانِ؛ فَابْدَأْ بِالرَّأْسِ أَوَّلا. فَدَخَلَ عُمَرُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا هُوَ بِالنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ يُصَلِّي، فَقَعَدَ إِلَى جَنْبِهِ؛ فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ: لَا أَرَانِي إِلا مُسْتَعْمِلُكَ. قَالَ أَمَّا جَابِيًا فَلا، وَلَكِنْ غَازِيًا. قَالَ: فَإِنَّكَ غَازٍ؛ فَوَجَّهَهُ وَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ -وَذَلِكَ بَعْدَ أَنِ اخْتَطَّ النَّاسُ بِهَا وَنَزَلُوا- أَنْ يَمُدُّوهُ، وَمَعَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ عَمْرُو بن معديكرب وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَالأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ؛ فَسَارَ النُّعْمَانُ بِالْمُسْلِمِينَ؛ فَلَمَّا صَارُوا إِلَى نُهَاوَنْدَ أَرْسَلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إِلَى مَلِكِهِمْ، وَهُوَ إِذْ ذَاكَ ذُو الْجَنَاحَيْنِ، فَقَطَعَ إِلَيْهِمُ الْمُغِيرَةَ نَهْرَهُمْ. فَقِيلَ لِذِي الْجَنَاحَيْنِ: إِنَّ رَسُولَ الْعَرَبِ هَاهُنَا، فَشَاوَرَ أَصْحَابَهُ وَمَنْ مَعَهُ فَقَالَ: أَتَرَوْنَ أَنْ أَقْعُدَ لَهُ فِي بَهْجَةِ الْمُلْكِ وَهَيْبَتِهِ أَوْ أَقْعُدَ لَهُ فِي هَيئته الْحَرْبِ؟ فَقَالُوا. اقْعُدْ لَهُ فِي بهجة الْملك وهيبته؛ فَقَعَدَ عَلَى سَرِيرِهِ، وَوَضَعَ تَاجًا عَلَى رَأْسِهِ، وَأَجْلَسَ أَبْنَاءَ الْمُلُوكِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ عَلَيْهِمْ أَسْوِرَةُ الذَّهَبِ وَالْقِرَطَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالدَّيْبَاجِ، ثُمَّ أَذِنَ لِلْمُغِيرَةِ؛ فَلَمَّا دَخَلَ أَخَذَ بِضَبْعَيْهِ رَجُلانِ. وَمَعَ الْمُغِيرَةِ سَيْفُهُ وَرُمْحُهُ فَجَعَلَ يَطْعَنُ بِرُمْحِهِ فِي بُسُطِهِمْ يُخَرِّقُهَا لِيَتَطَيَّرُوا مِنْ ذَلِكَ. حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يُكَلِّمَهُ وَالتَّرْجُمَانُ يُتَرْجِمُ بَيْنَمَا؛ فَقَالَ: إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَمَّا أَصَابَكُمْ مِنَ الْجُوعِ وَالْجَهْدِ جِئْتُمْ إِلَيْنَا، فَإِنْ شِئْتُمْ أَمَرْنَا لَكُمْ وَرَجَعْتُمْ.
فَتَكَلَّمَ الْمُغِيرَةُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّا مَعْشَرَ الْعَرَبِ كُنَّا أَذِلَّةً، يَطَؤُنَا النَّاسُ وَلا نَطَؤُهُمْ؛ فَبَعَثَ اللَّهُ مِنَّا نَبِيًا فِي شَرَفٍ مِنْ أَوْسَطِنَا حَسَبًا وَأَصْدَقِنَا حَدِيثًا، فَأَخْبَرَنَا بِأَشْيَاءَ وَجَدْنَاهَا كَمَا قَالَ، وَإِنَّهُ وَعَدَنَا فِيمَا وَعَدَنَا أَنْ سَنَمْلِكُ مَا هَاهُنَا ونغلب عَلَيْهِ، وَأرى هَاهُنَا أَثَرَهُ وَهَيْئَةَ مَا مَنْ خَلْفِي بِتَارِكِيهَا حَتَّى يُصِيبُوهَا.
قَالَ الْمُغيرَة وَقَالَت لَيْسَ نَفسِي لَو جمعت جرامبزك فَوَثَبْتَ وَقَعَدْتَ مَعَ الْعِلْجِ عَلَى
_________
١ يَبْدُو أَن هُنَا سقطا.
1 / 43