38

Al-Iḥkām fī uṣūl al-aḥkām

الإحكام في أصول الأحكام

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثانية

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

(دمشق - بيروت)

الدَّابَّةِ، وَالشَّارِعُ لَهُ وِلَايَةُ هَذَا التَّصَرُّفِ كَمَا لِأُهِلِ اللُّغَةِ، وَيَخُصُّ الصَّلَاةَ أَنَّ أَفْعَالَهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ صَلَاةً لِكَوْنِهَا مِمَّا يُتْبَعُ بِهَا فِعْلُ الْإِمَامِ. فَإِنَّ التَّالِي لِلسَّابِقِ مِنَ الْخَيْلِ يُسَمَّى مُصَلِّيًا لِكَوْنِهِ تَابِعًا، وَيَخُصُّ الزَّكَاةَ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْوَاجِبِ زَكَاةً بِاسْمِ سَبَبِهِ، وَالتَّجَوُّزُ بِاسْمِ السَّبَبِ عَنِ الْمُسَبِّبِ جَائِزٌ لُغَةً، وَالْمَجَازُ مِنَ اللُّغَةِ لَا مِنْ غَيْرِهَا.
قُلْنَا: أَمَّا الْحُرُوفُ فَإِنَّهَا إِذَا كَانَتْ أَسْمَاءَ لِآحَادِ السُّوَرِ فَهِيَ أَعْلَامٌ لَهَا وَلَيْسَتْ لُغَوِيَّةً، فَقَدِ اشْتَمَلَ الْقُرْآنُ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ، وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْعِبَادَاتِ الْحَادِثَةِ فِي الشَّرْعِ، فَإِنَّمَا يَصِحُّ، أَنْ لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُطْلِقَ عَلَيْهَا أَسْمَاءُ لَمْ تَكُنِ الْعَرَبُ قَدْ أَطْلَقَتْهَا عَلَيْهَا، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْآيَاتِ.
قَوْلُهُمْ: إِنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَوْضُوعَاتِهَا لُغَةً غَيْرَ أَنَّ الشَّارِعَ شَرَطَ فِي إِجْزَائِهَا شُرُوطًا لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا، فَإِنَّ (١) مُسَمَّى الصَّلَاةِ فِي اللُّغَةِ هُوَ الدُّعَاءُ.
وَقَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا دُعَاءَ فِيهَا، كَصَلَاةِ الْأَخْرَسِ الَّذِي لَا يَفْهَمُ الدُّعَاءَ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ مُتَحَقِّقًا فَلَيْسَ هُوَ الْمُسَمَّى بِالصَّلَاةِ وَحْدَهُ، وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ فِي الصَّلَاةِ حَالَةُ كَوْنِهِ غَيْرَ دَاعٍ، وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُسَمَّى بِالصَّلَاةِ لَا غَيْرُ لَصَحَّ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الدُّعَاءِ أَنْ يُقَالَ: خَرَجَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَإِذَا عَادَ إِلَيْهِ يُقَالُ: عَادَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَأَنْ لَا يُسَمَّى الشَّخْصُ مُصَلِّيًا حَالَةَ عَدَمِ الدُّعَاءِ مَعَ تَلَبُّسِهِ بِبَاقِي الْأَفْعَالِ، وَكُلُّ ذَلِكَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.
قَوْلُهُمْ: تَسْمِيَةُ هَذِهِ الْأَفْعَالِ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ إِنَّمَا هُوَ بِطْرِيقِ الْمَجَازِ.
قُلْنَا: الْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ.
قَوْلُهُمْ: إِنَّ الدُّعَاءَ جُزْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ، وَالشَّيْءُ قَدْ يُسَمَّى بَاسِمِ جُزْئِهِ.
قُلْنَا: كُلُّ جُزْءٍ أَوْ بَعْضُ الْأَجْزَاءِ، الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ، وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ.
وَلِهَذَا فَإِنَّ الْعَشَرَةَ لَا تُسَمَّى خَمْسَةٌ، وَلَا الْكُلُّ جُزْءًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ يُسَمَّى جُزْءًا، إِلَى أَمْثِلَةٍ كَثِيرَةٍ لَا تُحْصَى.

(١) بَدَءَ الْجَوَابَ عَلَى قَوْلِهِمْ: إِنَّ الْأَسْمَاءَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَوْضُوعَاتِهَا لُغَةً.

1 / 40