37

Al-Iḥkām fī uṣūl al-aḥkām

الإحكام في أصول الأحكام

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثانية

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

(دمشق - بيروت)

وَالْحَجُّ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ مُطْلَقِ قَصْدٍ، وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنِ الْقَصْدِ إِلَى مَكَانٍ مَخْصُوصٍ.
وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى اشْتِمَالِ الْقُرْآنِ عَلَى مَا لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، فَكَانَ إِطْلَاقُ اسْمِ الْعَرَبِيِّ عَلَيْهِ مَجَازًا.
فَإِنْ قِيلَ: أَمَّا الْحُرُوفُ الْمُعْجَمَةُ الَّتِي فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ فَهِيَ أَسْمَاؤُهَا.
وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ الْحَادِثَةُ فَمِنْ حَيْثُ إِنَّهَا أَفْعَالٌ مَحْسُوسَةٌ مَعْلُومَةٌ لِلْعَرَبِ وَمُسَمَّاةٌ بِأَسْمَاءَ خَاصَّةٍ لَهَا لُغَةٌ، غَيْرَ أَنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَهَا فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ عَلَيْهَا بِتَقْدِيرِ الْفِعْلِ أَوِ التَّرْكِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِمَالِ الْقُرْآنِ عَلَى مَا لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ.
وَأَمَّا الْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَدْلُولَاتِهَا لُغَةً.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ فَالْمُرَادُ بِهِ تَصْدِيقُكُمْ بِالصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (أَقِيمُوا الصَّلَاةَ) فَالْمُرَادُ بِهِ الدُّعَاءُ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَآتُوا الزَّكَاةَ) فَالْمُرَادُ بِهِ النُّمُوُّ.
وَالْمُرَادُ مِنَ الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ، وَمِنَ الْحَجِّ الْقَصْدُ، غَيْرَ أَنَّ الشَّارِعَ شَرَطَ فِي إِجْزَائِهَا وَصِحَّتِهَا شَرْعًا ضَمَّ غَيْرِهَا إِلَيْهَا. وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى تَغْيِيرِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، وَإِنْ سَلَّمْنَا دُخُولَ هَذِهِ الشُّرُوطِ فِي مُسَمَّى هَذِهِ الْأَسْمَاءِ لَكِنْ بِطْرِيقِ الْمَجَازِ، أَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الدُّعَاءَ جُزْؤُهَا، وَالشَّيْءُ قَدْ يُسَمَّى بَاسِمِ جُزْئِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
يُنَاشِدُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ ... فَهَلَّا تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ.
وَأَرَادَ بِهِ الْقُرْآنَ، فَسَمَّاهُ بِاسْمِ جُزْئِهِ، وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ تَسْمِيَةَ الصَّوْمِ الْخَاصِّ وَكَذَلِكَ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْإِيمَانِ، مِنْ بَابِ التَّصَرُّفِ بِتَخْصِيصِ الِاسْمِ بِبَعْضِ مُسَمَّيَاتِهِ لُغَةً كَمَا فِي لَفْظِ

1 / 39