Ihkam Fi Usul Ahkam
الإحكام في أصول الأحكام
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٢ هـ
Publisher Location
(دمشق - بيروت)
فَلَيْسَ الْقَوْلُ بِالنَّفْيِ أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِالْإِثْبَاتِ، وَعَلَى الْمُسْتَدِلِّ التَّرْجِيحُ. وَإِنْ سَلَّمْنَا دَلَالَةَ النُّصُوصِ عَلَى كَوْنِ الْقُرْآنِ بِجُمْلَتِهِ عَرَبِيًّا، لَكِنْ بِجِهَةِ الْحَقِيقَةِ أَوِ الْمَجَازِ، الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ، وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا الْغَالِبُ مِنْهُ الْعَرَبِيَّةُ يُسَمَّى عَرَبِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ كَمَا يُسَمَّى الزِّنْجِيُّ أَسْوَدَ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ الْيَسِيرُ مُبْيَضًّا كَأَسْنَانِهِ وَشَحْمَةِ عَيْنَيْهِ، وَالرُّومِيُّ أَبْيَضَ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ الْيَسِيرُ مِنْهُ أَسْوَدَ كَالنَّاظِرِ مِنْ عَيْنَيْهِ. وَكَذَلِكَ الْبَيْتُ مِنَ الشِّعْرِ بِالْفَارِسِيَّةِ يُسَمَّى فَارِسِيًّا وَإِنْ كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى كَلِمَاتٍ يَسِيرَةٍ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ.
وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّجَوُّزِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُعْجَمَةِ فِي أَوَائِلِ السُّورِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ فِي شَيْءٍ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقُرْآنَ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى عِبَادَاتٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ لِلْعَرَبِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ التَّعْبِيرُ عَنْهَا فِي لُغَتِهِمْ، فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ أَسْمَاءَ تَدُلُّ عَلَيْهَا غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقُرْآنَ مُشْتَمِلٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ وَأَرَادَ بِهِ صَلَاتَكُمْ، وَلَيْسَ الْإِيمَانُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الصَّلَاةِ بَلْ بِمَعْنَى التَّصْدِيقِ.
وَعَلَى قَوْلِهِ: (أَقِيمُوا الصَّلَاةَ) وَالصَّلَاةُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنِ الْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ.
وَعَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَآتُوا الزَّكَاةَ) وَالزَّكَاةُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ، وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ وُجُوبِ أَدَاءِ مَالٍ مَخْصُوصٍ.
وَعَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: " ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ " وَالصَّوْمُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ مُطْلَقِ إِمْسَاكٍ، وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ إِمْسَاكٍ مَخْصُوصٍ بَلْ وَقَدْ يُطْلَقُ الصَّوْمُ فِي الشَّرْعِ فِي حَالَةٍ لَا إِمْسَاكَ فِيهَا كَحَالَةِ الْآكِلِ نَاسِيًا.
وَعَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ .
1 / 38