الشريعة إلى يوم القيامة فحظهم منه أجلّ، ونوالهم منه أجزل؛ لأنهم سنوا سنن الخير، وفتحوا أبوابه، ونقلوا معالم الدين، وتفاصيل الشريعة إلى من بعدهم (^١).
والناظر في كتب الحديث - على اختلاف أغراض وطرق تدوينها -، وما ذكره أهل العلم فيما لكل صحابي من الحديث عن رسول الله ﷺ، يلحظ أن منهم المكثر، ومنهم المقل، ولهذا أسبابه، ومنها:
أولًا: تفاوتهم في مقدار ما تحملوه عن النبي ﷺ لتفاوتهم في مقدار صحبتهم له، وسماعهم منه، وحفظهم لحديثه. ثانيًا: تفاوت أعمارهم طولا، وقصرا. ثالثًا: خوف بعضهم من الغلط على رسول الله ﷺ، واتهامهم لحفظهم الجيد عنه ... وهذا من تورعهم - رضى الله عنهم -. رابعًا: تولي بعضهم الخلافة، أو ولايات للمُسلِمين، وانشغالهم بتدبير أمور المُسلِمين، وتصريف أحوالهم، ورعاية شئونهم. خامسًا: اشتغال بعضهم بالعبادة، وانصرافهم إليها. سادسًا: اشتغال بعضهم بالجهاد في سبيل الله ... ولم يتفرغ هذان الصنفان للتحديث لعلمهم أن غيرهم قام مقامهم في تبليغ ما عندهم من علم (^٢).