Akhbar Muwaffaqiyyat
الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار
Investigator
سامي مكي العاني
Publisher
عالم الكتب
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤١٦هـ-١٩٩٦م
Publisher Location
بيروت
وَتَزْعُمُونَ أَنِّي سَاحِرٌ، فَبِئْسَ الدِّينُ دِينٌ ظَهَرَ عَلَيْهِ السَّحْرُ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ [طه: ٦٩] .
وتَزْعُمُونَ أَنِّي بَقِيَّةُ ثَمُودَ، فَوَاللَّهِ مَا نَجَا مَعَ صَالِحٍ إِلا خِيَارُهُمْ، وَهَلَكَ الآخَرُونَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى﴾ [النجم: ٥١] .
ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ سُويَدِ بْنِ أَبِي كَاهِلٍ:
رُبَّ مَنْ أَنْضَجْتُ غَيْظًا صَدْرَهُ ... قَدْ تَمَنَّى لِي مَوْتًا لَمْ يُطَعْ
وَيَرَانِي كَالشَّجَا فِي حَلْقِهِ ... عَسِرًا مَخْرَجُهُ لا يُنْتَزَعْ
وَيُحَيِّنِي إِذَا لاقَيْتُهُ ... وَإِذَا يَخْلُو لَهُ لَحْمِي رَتَعْ
كَيْفَ تَرْجُونَ سِقَاطِي بَعْدَمَا ... شَمِلَ الرَّأْسَ مَشِيبٌ وَصَلَعْ
وِإِبَّاءً لِلْدَنِيَّاتِ إِذَا ... ضَغَطَ الْمَكْرُوبَ ضَيمٌ فَقَبَعْ
وَبَنَّاءً لِلْمَعَالِي إِنَّمَا ... يَرْفَعُ اللَّهُ وَمَنْ شَاءَ وَضَعْ
حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِي، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ، قَالَ: " خَطَبَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ ذَاتَ يَوْمٍ، وَخَرَجَ بِالْهَاجِرَةِ، فَمَا زَالَ يَفْتَنُّ مَرَّةً فِي أَهْلِ الشَّامِ، وَمَرَّةً فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ، يَقُولُ: يَا أَهْلَ الشَّامِ، أَنْتُمْ كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
هُمُ دِرْعِي الَّتِي اسْتَلأَمْتُ فِيهِا ... إِلَى أَهْلِ النِّسَارِ وَهُمْ مِجَنِي
وَهُمْ وَرَدُوا الْجِفَارِ عَلَى تَمِيمٍ ... وَهُمْ أَصْحَابُ يَوْمِ عُكَاظٍ إِنِّي
شَهِدْتُ لَهُمْ مَوَاطِنَ صَادِقَاتٍ ... أَتَيْتُهُمُ بِوِدِّ الصَّدْرِ مَنِّي
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَقَالَ: هَذِهِ الْمُدْرَةُ الْخَبِيثَةُ يَجْلِسُونَ عَلَى الْكَرَاسِي، ثُمَّ يَقُولُونَ: مَا الْهَبْرُ مَا الْهَبْرُ.
وَاللَّهِ لَئِنْ تَحَرَّكَ فِيهَا مُتَحَرِّكٌ لأَتْرُكَنَّهَا كَأَمْسِ الدَّابِرِ، فَلَمْ يَزَلْ يَفْتَنَّ مَرَّةً فِي أَهْلِ الشَّامِ، وَمَرَّةً فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ حَتَّى لا يُرَى مِنَ الشَّمْسِ إِلا حُمْرةً عَلَى شُرَفِ الْمَسْجِدِ.
ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَذَّنَ، فَصَلَّى بِنَا الْجُمُعَةَ، ثُمَّ أَذَّنَ فَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ فَجَمَعَ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ يَوْمَئِذٍ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَمَّا مَاتَ الْحَجَّاجُ، قَالَ الْحَسَنُ: " اللَّهُمَّ أَنْتَ أَمَتَّهُ، فَاقْطَعْ عَنَّا سُنَّتَهُ فَإِنَّهُ أَتَانَا أُخَيْفِشَ أُعَيْمِشَ، يَمُدُّ بِيَدٍ قَصِيرَةِ الْبَنَانِ، وَاللَّهِ مَا عَرِقَ فِيهِ عَنَانٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يُرَجِّلُ جُمَّتَهُ، وَيَخْطُو فِي مَشْيَتِهِ، وَيَصْعَدُ الْمِنْبَرَ فَيَهْذَرُ حَتَّى تَفُوتَهُ الصَّلاةُ.
لا مِنَ اللَّهِ يَتَّقِي، وَلا مِنَ النَّاسِ يَسْتَحِي، فَوْقَهُ اللَّهُ، وَتَحْتَهُ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ.
أَلا يَقُولُ لَهُ قَائِلٌ: الصَّلاةُ أَيُّهَا الرَّجُلُ، ثُمَّ يَقُولُ الْحَسَنُ: هَيْهَاتَ، وَاللَّهِ حَالَ دُونَ ذَلِكَ السَّيْفُ وَالسَّوْطُ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَخَطَبَ الْحَجَّاجُ ذَاتَ يَوْمٍ بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ: " يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، أَتَيْتُكُمْ وَأَنَا أَرْقُلُ فِي لِمَّتِي، فَمَا زَالَ شِقَاقُكُمْ حَتَّى انْحَصَّ شَعْرِي، ثُمَّ كَشَفَ عَنْ رَأْسٍ لَهُ أَقْرَعٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ، يَقُولُ:
مَنْ يَكُ ذَا لِمَّةٍ يُكَفِّفُهَا ... فَإِنَّنِي غَيْرُ ضَائِرِي زَعِرِي
لا يَمْنَعُ الْمَرْءَ أَنْ يَسُودَ وَأَنْ ... يَضْرِبَ بِالسَّيْفِ قِلَّةُ الشَّعْرِ
1 / 30