Akhbar Muwaffaqiyyat
الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار
Investigator
سامي مكي العاني
Publisher
عالم الكتب
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤١٦هـ-١٩٩٦م
Publisher Location
بيروت
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْوَاثِقِ بَالصَالِحِيَّةِ، فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَضَرَنِي بَيْتَانِ، فَقَالَ: أَنْشِدْهُمَا: فَأَنْشَدْتُهُ:
طَرِبْتَ إِلَى الأَصْيَبِيَّةِ الصِّغَارِ ... وَشَاقَكَ مِنْهُمْ قُرْبَ الْمَزَارِ
وَكَلُّ مُسَافِرٍ يَزْدَادُ شَوقًا ... إِذَا دَنَتِ الدِّيَارُ مِنَ الدِّيَارِ
وَأَنْشَدَنِي فِي الْوَاثِقِ:
أَشْكُو إِلَى اللَّهِ بُعْدِي عَنْ خَلِيفَتِهِ ... وَمَا أُعَالَجُ مِنْ سُقْمٍ وَمِنْ كِبَرِ
لا أَسْتَطِيعُ رَحِيلا إِنْ هَمَمْتُ بِهِ ... يَوْمًا إِلَيْهِ وَلا أَقْوَى عَلَى السَّفَرِ
أَنْوِي الرَّحِيلَ إِلَيْهِ ثُمَّ يَمْنَعُنِي ... مَا أَحْدَثَ الدَّهْرُ وَالأَيَّامُ فِي بَصَرِي
حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: " مَرِضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَهْتَمِ، فَأَتَاهُ رَجُلانِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ يَعُوِدَانِهِ، فَلَمَّا أَنْ دَخَلا عَلَيْهِ، قَالا: كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَبَا مَعْمَرٍ؟ قَالَ: أَخَذَنِي وَاللَّهِ وَجَعٌ، وَمَا أَظُنُّنِي، إِلا لِمَا بِي.
وَلَكِنْ مَا تَقُولانِ فِي مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فِي الصُّنْدُوقِ لَمْ تُؤَدَّ مِنْهَا زَكَاةٌ، وَلَمْ تُوصَلْ رَحِمٌ؟ فَقَالا لَهُ: ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ، لِمَنْ كُنْتَ تَجْمَعُهَا؟ قَالَ: كُنْتُ وَاللَّهِ أَجْمَعُهَا لِرَوْعَةِ الزَّمَانِ، وَجَفْوَةِ السُّلْطَانِ، وَمُكَابَرَةِ الْعَشِيرَةِ.
فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ فَأَتَيَا الْحَسَنَ بْنَ أَبِيِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، فَأَخْبَرَاهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: الْبَائِسُ إِنَّمَا أَتَاهُ شَيْطَانُهُ فَذَكَّرَهُ، رَوْعَةَ زَمَانِهِ، وَجَفْوَةَ سُلْطَانِهِ، فَخَرَجَ وَاللَّهِ مِنْ مَالِهِ جَرِيبًا سَلِيبًا ذَمِيمًا مَلُومًا، فَلَمَّا أَنْ مَاتَ دَعَا ابْنَهُ فَمَسَحَ يَدُهُ عَلَى رَأَسِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: إِيهًا عَنْكَ أَيُّهَا الْوَارِثُ لا تُخْدَعْ كَمَا خُدِعَ صُوَيْحِبُكَ أَمَامَكَ، فَقَدْ أَتَاكَ هَذَا الْمَالُ حَلالا، فِإِيَّاكَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْكَ وَبَالا، أَتَاكَ مِمَّنْ كَانَ لَهُ جَمُوعًا مَنُوعًا، يَدْأَبُ فِيهِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَيَقْطَعُ فِيهِ لُجَجَ الْبِحَارِ وَالْمَفَاوِزِ وَالْقِفَارِ، وَمِنْ بَاطِلٍ جَمَعَهُ وَمِنْ حَقٍّ مَنَعَهُ، جَمَعَهُ فَأَوْعَاهُ، وَشَدَّهُ فَأَوْكَاهُ لَمْ يُؤَدِّ مِنْهُ زَكَاةٍ، وَلَمْ يَصِلْ مِنْهُ رَحِمًا، إِنَّ أَعْظَمَ الْحَسَرَاتِ يَوْمَ الْقَيَامَةِ أَنْ يَرَى الرَّجُلُ مَالَهُ فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ، فَيَا لَهَا حَسْرَةٌ لا تُقَالُ، وَتَوْبَةٌ لا تُنَالُ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ إِلَى صَدِيقٍ لَهُ: أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ بَدَأْتَنِي بِلُطْفٍ مِنْ غَيْرِ خُبْرَةٍ، ثُمَّ أَعْقَبْتَنِي جَفَاءً مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ، فَأَطْمَعَنِي أَوَّلُكَ فِي إِخَائِكَ، وَأَيَأَسَنِي آخِرُكَ فِي وَفَائِكَ، فَلا أَنَا فِي غَيْرِ الرَّجَاءِ مُزْمِعٌ لَكَ اطِّرَاحًا، وَلا فِي غَدٍ وَانْتِظَارِهِ مِنْكَ عَلَى ثِقَةٍ، فَسُبْحَانَ مَنْ لَوْ يَشَاءُ كَشَفَ بِإِيضَاحِ الرَّأْيِ عَنْ عَزِيمَةِ الشَّكِّ فِيكَ، فَأَقَمْنَا عَلَى ائْتِلافٍ، وَافْتَرَقْنَا عَلَى اخْتِلافٍ
1 / 31