108

Al-Akhbār al-Mawaffiqiyyāt liʾl-Zubayr b. Bakkār

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Investigator

سامي مكي العاني

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Publisher Location

بيروت

قَالَ: أَمَا إِذَا فَعَلْتَ فَابْعَثْ إِلَى رَجُلٍ آخَرَ، فَبَعَثَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، فَأَشْهَدَهُ أَيْضًا عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَلَدَهُ الْحَدَّ، فَلمَا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ قَدِمَ عَلَيْهِ عَنْبَسَةُ أَخُوهُ، فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَبَعَثْ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيدٍ، وَإِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةِ، وَإِلَى الثَّقَفِيِّ، فَدَسَّ إِلَى الثَّقَفِيِّ، وَإِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ لِيُبْطِلَ الْحَدَّ، فَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَرَجَعَ الثَّقَفِيُّ عَنْ شَهَادَتِهِ، فَمَكَثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ أُسَيدٍ بِبَابِ مُعَاوِيَةَ سَنَةً لا يُأْذَنُ لَهُمَا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ أَحْرَمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَمُعَاوِيَةُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ، أَنْ لا وَلا كَرَامَةَ، وَاللَّهِ مَا اسْتَأْذَنْتَنِي، وَلا أَذِنْتُ لَكَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَلَيْسَ ذَاكَ لَكَ، إِنَّمَا بَعَثْتَ إِلَيَّ فَسَأَلْتَنِي عَنْ أَمْرٍ، فَأَخْبَرْتُكَ بِعِلْمِي فِيهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَانْصَرَفَ إِلَى مَكَّةَ، وَبَقِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ سَنَةً أُخْرَى، ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ فِي الرِّجُوعِ إِلَى مَكَّةَ حَاجًّا، فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ قَطَائِعُ كَانَ أَخَذَهَا بِسَبَبِ عَنْبَسَةَ، فَلَمْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَالِدٍ خَرَجَ إِلَى الْعِرَاقِ، وَعَلَيْهَا زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، فَحَضَرَتْ زِيَادًا الْوَفَاةُ، فَاسْتَخْلَفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَالِدٍ عَلَى عَمَلِهِ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: لا وَاللَّهِ، لا نَسْتَعْمِلُهُ، لا عَلَى صِلاتِهَا، وَلا عَلَى خَرَاجِهَا.
ثُمَّ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ أُمِّ الْحَكَمِ الثَّقَفِيَّ، فَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَلْفَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَشَخَصَ إِلَى مَكَّةَ، حَيْثُ بَلَغَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَ أُمِّ الْحَكَمِ، فَلَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةُ مَا أُخِذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمْكَنَنِي مِنْهُ، وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عَنْبَسَةَ، فَقَالَ: قَدْ أَمْكَنَكَ اللَّهُ مِنْ ثَأْرِكَ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا قَبَضَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
قَالَ: قَدْ وَلَّيْتُكَ الْحِجَازَ.
فَتَهَيَّأَ عَنْبَسَةُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ يُوَدِّعُهُ.
فَقَالَ لَهُ: مَا أَنْتَ صَانِعٌ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ؟ قَالَ: أَضْرِبُ وَاللَّهِ بِيَدِهِ وَجْهَهُ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: بِاسْتِكَ، بِئْسَ وَاللَّهِ ابِنُ الْعَشِيرَةِ أَنْتَ.
بعَبْدِ اللَّهِ تَصْنَعُ هَذَا؟ وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ عَلَيْهِ حَنِيقًا مُغْتَاظًا، وَقَدْ عَطَّفَنِي عَلَيْهِ مَا سَمِعْتُ مِنْ عُنْفِكَ بِهِ، هِيَ لَهُ وَاللَّهِ، وَلا كَتَبْتُ إِلَيْهِ فِي شِيءٍ مِنْهُ أَبَدًا.
لَيْسَ مِثْلُكَ وَلِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ، قَدْ عَزَلْتُكَ مِنْ عَمَلِكَ "

1 / 108