109

Al-Akhbār al-Mawaffiqiyyāt liʾl-Zubayr b. Bakkār

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Editor

سامي مكي العاني

Publisher

عالم الكتب

Edition

الثانية

Publication Year

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Publisher Location

بيروت

١٦١ - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُؤَمَّلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرِ، قَالَ: " بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ، وَكَانَ رَجُلا مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الشَّامِ، قَامَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، عَلَى مَا تُقَاتِلُ عَلِيًّا، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ﵌، وَلَهُ مِنَ الْقَدْرِ فِي الِإِسْلامِ، وَالسَابِقَةِ وَالْقَرَابَةِ مَا لَيْسَ لَكَ، إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ طَلِيقٌ ابْنُ طَلِيقٍ؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ إِنِّي وَاللَّهِ مَا أُقَاتِلُهُ وَأَنَا أَدَّعِي فِي الْإِسْلامِ مِثْلَ الَّذِي يَدَّعِي، وَلِي فِي الْإِسْلامِ مِثْلُ مَا لَهُ، وَلَكِنِّي أُقَاتِلُهُ عَلَى دَمِ عُثْمَانَ، إِنَّ عَلَيًّا قَتَلَ عُثْمَانَ، فَأَنَا أَطْلُبُهُ بِدَمِّهِ.
فَخَرَجَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى نَاقَتِهِ يَضْرِبُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْكُوفَةِ، فَأَنَاخَهَا بِالْكُنَاسَةِ، ثُمَّ جَاءَ يَمْشِي حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَلِيٍّ ﵇ وَالنَّاسُ عِنْدهُ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: اللَّهُ قَتَلَهُ، وَأَنَا مَعَهُ.
فَخَرَجَ أَبُو مُسْلِمٍ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ.
حَتَّى أَتَى نَاقَتَهُ فَرَكِبَهَا، فَأَتَى الشَّامَ.
وَقِيلَ لِعَلِيٍّ: إِنَّ الَّذِي كَانَ قَدْ دَخَلَ عَلَيْكَ أَبُو مُسْلِمٍ، فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِ، فَفَاتَهُ، وَقَدِمَ أَبُو مُسْلِمٍ الشَّامَ، فَانْتَهَى إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ يَتَغَدَّى، فَلَمَّا قِيلَ لِمُعَاوِيَةَ: قَدْ جَاءَ أَبُو مُسْلِمٍ، وَمَعَهُ لُقْمَةٌ، فَمَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَسِيغَهَا حَتَّى وَقَعَتْ.
قَالَ: فَدَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ فَحَيَّاهُ وَقَرَّبَهُ، وَرَحَّبَ بِهِ، وَسَأَلَهُ عَنْ سَفَرِهِ، وَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ يَكْرَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَبُو مُسْلِمٍ قَدْ جَاءَ بِشَيْءٍ مَمِا يَكْرَهُ مُعَاوِيَةُ.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: قُمْ فَوَاللَّهِ لَنُقَاتِلَنَّ عَلِيًّا، وَلَيُقَاتِلَنَّهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِقَتْلِ عُثْمَانَ.
قَالَ: فَقَامَ مُعَاوِيَةُ فَرِحًا حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَامَ أَبُو مُسْلِمٍ خَطِيبًا، فَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى قِتَالِ عَلِيٍّ ﵁، وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِ عُثْمَانَ، وَجَمَعَ مُعَاوِيَةُ لِعَلِيٍّ الْجُمُوعَ، وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، غَلَبَ عَلَى مِصْرَ، فَسَارَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إِلَى صِفِّينَ، فَلَمْ يَزَلْ يُوَارِبُهُ حَتَّى قَالَ: اخْرُجْ إِلَيَّ فِي ثَلاثِينَ رَجُلا، وَأَخْرُجُ إِلَيْكَ فِي ثَلاثِينَ حَتَّى نَنْظُرَ فِي أَمْرِنَا وَنَصْطَلِحَ عَلَى صُلْحٍ.
فَفَعَلَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ وَمُعَاوِيَةُ.
وَقَدْ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ جُنُودَهُ أَنْ يَسِيرُوا مِنْ تَحْتِ لَيْلَتِهِمْ، حَتَّى يُوَافُوهُمْ بِذَلِكَ الْمَكَانِ.

1 / 109