وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا» وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحُنُوَّ عَلَى الْقَرَابَةِ أَبْلَغُ، وَمُرَاعَاةُ ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ أَوْقَعُ فِي الْإِخْلَاصِ. وَتَمَامُ الْمَسْأَلَةِ يَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[الْآيَة الرَّابِعَة وَالْخَمْسُونَ قَوْله تَعَالَى كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ]
ْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢١٦] اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهَا نَزَلَتْ فِي الصَّحَابَةِ وَهُمْ الْمُخَاطَبُونَ وَالْمَكْتُوبُ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ؛ قَالَهُ عَطَاءٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ.
الثَّانِي: أَنَّهُ مَكْتُوبٌ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، لَكِنْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ؛ فَإِنْ كَانَ الْإِسْلَامُ ظَاهِرًا فَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ ظَاهِرًا عَلَى مَوْضِعٍ؛ كَانَ الْقِتَالُ فَرْضًا عَلَى الْأَعْيَانِ، حَتَّى يَكْشِفَ اللَّهُ تَعَالَى مَا بِهِمْ؛ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُجَاشِعٍ قَالَ: «أَتَيْت النَّبِيَّ ﷺ أَنَا وَأَخِي فَقُلْت: بَايِعْنِي عَلَى الْهِجْرَةِ. فَقَالَ: مَضَتْ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا. قُلْت: عَلَامَ تُبَايِعُنَا؟ قَالَ: عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ».