204

Aḥkām al-Qurʾān li-Ibn al-ʿArabī

أحكام القرآن لابن العربي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

وَرَوَى الْأَئِمَّةُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا»، وَهَذِهِ الْآيَةُ كَانَتْ فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ إبَاحَةِ الْقِتَالِ وَالْإِذْنِ فِيهِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
[الْآيَة الْخَامِسَة وَالْخَمْسُونَ قَوْله تَعَالَى يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْر الحرام قِتَالٍ فِيهِ]
ِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾ [البقرة: ٢١٧] اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي نَسْخِ هَذِهِ الْآيَةِ؛ فَكَانَ عَطَاءٌ يَحْلِفُ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ؛ لِأَنَّ الْآيَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا عَامَّةٌ فِي الْأَزْمِنَةِ وَهَذَا خَاصٌّ؛ وَالْعَامُّ لَا يُنْسَخُ بِالْخَاصِّ بِاتِّفَاقٍ.
وَقَالَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ؛ وَاخْتَلَفُوا فِي النَّاسِخِ؛ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: نَسَخَهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ [التوبة: ٣٦] وَقَالَ غَيْرُهُ: نَسَخَتْهَا: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩] وَقَالَ غَيْرُهُ: نَسَخَهَا «غَزْوُ النَّبِيِّ ﷺ ثَقِيفًا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَإِغْزَاؤُهُ أَبَا عَامِرٍ إلَى أَوْطَاسَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ»؛ وَهَذِهِ أَخْبَارٌ ضَعِيفَةٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: نَسَخَتْهَا بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ عَلَى الْقِتَالِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ بِمَكَّةَ، وَأَنَّهُمْ عَازِمُونَ عَلَى حَرْبِهِ، فَبَايَعَ عَلَى دَفْعِهِمْ لَا عَلَى الِابْتِدَاءِ.
وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: نَسَخَهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]

1 / 206