أدب الموعظة
أدب الموعظة
Publisher
مؤسسة الحرمين الخيرية
Edition Number
الأولى ١٤٢٤هـ
Genres
قال - تعالى - في خطاب هارون وموسى ﵉ ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه٤٣-٤٤] .
ولقن موسى ﵇ من القول اللين أحسن ما يخاطب به جبار يقول لقومه: أنا ربكم الأعلى، فقال - تعالى ـ: ﴿فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى*وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾ [النازعات١٨-١٩] .
فأخرج الكلام معه مخرج السؤال والعرض، لا مخرج الأمر، وقال: ﴿إلى أن تزكى﴾ ولم يقل: "إلى أن أزكيك".
فنسب الفعل إليه هو، وذكر لفظ التزكي دون غيره؛ لما فيه من البركة، والخير، والنماء.
ثم قال: ﴿وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ﴾ أكون كالدليل بين يديك الذي يسير أمامك.
وقال: ﴿إِلَى رَبِّكَ﴾ استدعاءا لإيمانه بربه الذي خلقه، ورزقه، ورباه بنعمه صغيرا وكبيرا"١.
ولهذا فإن الموعظة التي تلقى في أدب، وسعة صدر، تسيغها القلوب، وتهش لها النفوس، وترتاح لها الأسماع.
ولقد امتن ربنا - جل وعلا - على نبينا محمد ﷺ بأن جبله على الرفق ومحبة الرفق، وأن جنبه الغلظة، والفظاظة، فقال ﷿: ﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران:١٥٩] .
١ بدائع الفوائد لابن القيم ٣/١٣٢ـ١٣٣.
1 / 46