Kitab Adab al-Tabib
كتاب أدب الطبيب
Genres
فهذا حال اختلاف الأسنان فى الرطوبة واليبس. فأما اختلافهما فى الحرارة والبرودة، فواجب تبيينه أيضا على الطبيب. غير أنا نذكر من ذلك هاهنا، كالذى ذكرناه من أمر الرطوبة واليبس، إذ كان ما نذكره من هذه الجمل يحث المحب لصناعة الطب، إن كان له ذكاء وقريحة محمودة، على استيفاء علم جميع 〈ما〉 نذكره، من كتبه التى ألفت لعلمه، فنقول: إن سن الصبيان حارة جدا، لقرب عهدها من مبدأ الكون من المنى، والدم، والروح التى كلها حارة. وذلك موجود حسا. وسن الشيوخ باردة، لبعدها من الابتداء المقدم ذكره. ولانطفاء الحرارة فى أبدان الشيوخ، واستيلاء البرد عليها صاروا يجدون، ويسرع إليهم ألم ما لا يجده غيرهم من ذوى الأسنان الباقية. ولذلك صارت أبدانهم تحضر وتسرع إلى قبول الأمراض الباردة. وإذا لمست أبدانهم، وجدت باردة.
فأما سن الشباب، فلم يختلف الناس فى حرارتها، 〈ولكنهم〉 اختلفوا 〈فى أمر آخر〉 لا يليق بهذا الموضع ذكره. لكن الوصول إلى فهم ذلك، أنت تقدر عليه من كتاب جالينوس فى المزاج، وفى مواضع أخر من كتب بقراط أيضا. فأما جالينوس، فيرى أن قوة الحرارة فى سن الصبى، وفى سن الشباب، كلتاهما سوى، إلا أن حرارتهما تختلف فى المقدار، لأن حرارة الصبى توجد أكثر مقدارا من حرارة الشباب، وألين، وحرارة الشباب أقل مقدارا، وأحد كيفية.
وقد قسم قوم السن إلى أربعة أقسام، وقالوا إن مزاج كل واحد مشابه لمزاج أخلاط البدن، وأركانه، وفصول السنة. فقالوا: إن سن الصبى حار رطب، مشابه لمزاج الدم، والهواء، وفصل الربيع. وسن الشباب حار يابس، كمزاج الصفراء، والنار، وفصل الصيف. وسن الكهول بارد رطب، كطبع البلغم، والماء، وفصل الشتاء. وسن الشيوخ بارد يابس، كطبع السوداء، والأرض، وفصل الخريف. 〈وليس لهذه القسمة〉 من الوثاقة، كوثاقة القسمة الأولى، غير أن التدرب بمعرفة أصناف القسم نافع جدا فى ذلك.
Page 68