162

Kitab Adab al-Tabib

كتاب أدب الطبيب

Genres

والنوع الثانى هو الشامل لجميع مصالح الجسم، وما يقوم عضوا عضوا من أعضائه. ومعرفة ذلك مأخوذة من علم صناعة الطب، ووصولك إلى ذلك يتم بدرس كتبها على أهلها، فى حال الشبيبة، وزمان الحداثة، ثم الخدمة لهم فى أعمال الصناعة، لتقتنيها اقتناء صحيحة. فإن منها تترقى إلى صلاح نفسك أيضا، إن كان قد فاتتك الدربة الشافية بكتب الشرائع.

ولأن أهلها، لما علموا أن الإنسان مؤلف من شيئين، هما النفس والجسم، وأرادوا إصلاح الإنسان، أثبتوا فى كتبهم، مع مصالح الجسم، مصالح النفس، والأخلاق أيضا. ولذلك لما رمت فى هذا الكتاب جمع ما ذكروه فى مواضع متفرقة، من آداب النفس، وتقويم الأخلاق، مع مصالح الجسم، قفوت أثرهم، وسرت فى طريقهم، لكى ينساق القليل الرياضة بما قالوه فى طرقهم، ويسلك سبلهم، فيصل بذلك إلى علمهم.

فإن تكن ممن يترقى على نظام، وقد شوقه ما قرأه من هذه الجمل إلى معرفة أصولها، ومن أين هى مأخوذة، فإنى أرشدك إلى ذلك من حيث أنت طبيب. فعليك من كتب معلمنا الفاضل جالينوس بكتابه فى الأخلاق وهو أربع مقالات، وبمقالته فى أن قوى النفس تابعة لمزاج البدن، وبمقالته فى تعرف المرء عيوب نفسه، وبمقالته فى أن الأخيار ينتفعون بأعدائهم، وبما شاكل هذه المعانى من أقاويله.

وأما إن علوت منزلة الأطباء، وأردت أن تكون طبيبا فاضلا، فعليك بمقالته التى بين فيها أن الطبيب الفاضل فيلسوف، ثم بكتابه فى آراء بقراط وفلاطن، ثم بكتابه فى البرهان. فإنك تبلغ المراد من آداب النفس ومصالحها. ولست أقول لك أنك لا تجد هذه الآداب، 〈إلا فى تلك الكتب〉 فقط، لكن جميع أهل العقول فى الملل المختلفة، والأمم السالفة، قد قالوا فى ذلك أقاويل كثيرة، 〈و〉وصفوا أصولها، وفروعها، لأنها عقلية. وإنما أرشدتك، من كتب الآداب، إلى كتب معلميك، وخاصة منهم إلى كتب جالينوس، إذ كنت طبيبا، وبكتب هذا الفاضل تعنى، فلك بها غنى عن غيرها.

ومن كتبه أيضا تعلم ما تتعمده لجسمك من مصالحه، إن كنت قد تنبهت إلى ذلك، مما أوجب به لك فى الباب الأول من كتابى هذا. فإن أول كتبه التى منها تعلم ما لابد لك من علمه من حفظ الصحة، هو كتابه فى تدبير الأصحاء، وله من جزئيات ذلك مقالات، تقف عليها من ذلك الكتاب، ومن كتابه فى مراتب قراءة كتبه، ومن مقالته فى الحث على تعلم صناعة الطب، ومن مقالته فى أجزاء الطب، ومن غير هذه من أقاويله.

Page 171