172

Acmal Kamila

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Genres

والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -. و (تجد) من وجد بمعنى: علم، كما ورد في قوله تعالى: {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} [الأعراف: 102]. و {أحرص} من الحرص، وهو شدة الطلب. والتنكير في قوله: {على حياة} يشعر بأنهم يحرصون على مطلق حياة، ويفهم حرصهم على الحياة الطويلة بالأولى. وشدة الحرص على الحياة في نفسها، ملقية في الجبن، واحتمال الضيم، ولا تقع أمة تحت سيطرة عدوها، وتظل أعناقها خاضعة له إلا من شدة حرصها على أن تحيا، ولو كما يحيا الأنعام.

{ومن الذين أشركوا}:

لما كان قوله تعالى: {أحرص الناس} في معنى: أحرص من جميع الناس، صح أن يراعى المعنى، ويكون قوله تعالى: {ومن الذين أشركوا} معطوفا عليه، والمعنى: ولتجدن - يا محمد - أولئك اليهود أحرص من جميع الناس، وأحرص من الذين أشركوا على حياة. والذين أشركوا: أي: جعلوا لله شريكا، أو شركاء في خلقه، ولا يؤمنون بالبعث، ولا يعرفون إلا الحياة الدنيا، وهؤلاء داخلون في عموم الناس من قوله: {أحرص الناس}. وإنما ذكروا بوجه خاص؛ مبالغة في توبيخ اليهود على شدة حرصهم على الحياة، حيث إن أولئك المشركين لا يؤمنون بحياة أخرى بعد هذه الحياة، فلا يستبعد حرصهم على طول البقاء في الدنيا، فإذا زاد حرص من له كتاب على حرصهم، وهو معترف بالدار الآخرة، كان جديرا بأعظم التوبيخ.

{يود أحدهم لو يعمر ألف سنة}:

Page 176