فَهَذَا أَحْرَى أَنْ يَشْرُفَ بِوَصْفِهِ وَحَالِهِ، وَأَنْ يَشْرُفَ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ، وَأَنْ يَكُوْنَ هُوَ أَسَاسُ بَيْتِهِ، وَعِرْقُ شَجَرَتِهِ.
٣. وَرَجُلٌ لَهُ أَصْلٌ، وَقَدِيْمُ شَرَفٍ، ثُمَّ لَمْ يَبْنِهِ، وَلَمْ يُجَدِّدْهُ، وَهُوَ: إِمَّا أَنْ تَخْفَى عَوَامِلُهُ فَلَمْ يُبْنَ وَلَمْ يُهْدَمْ، مَعَ أَنَّهُ بِالْحَقِيْقَةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِيْ زِيَادَةٍ فَهُوَ فِيْ نُقْصَانٍ، وَالْمُرَادُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى غِمَارِ الْنَّاسِ فَلَا يُجَدِّدُ الْمَآثِرْ، وَلَا يَخْرُجْ إِلَى الْمَعَايِبِ، فَهَذَا لَا فَضِيْلَةَ لَهُ إِلَّا مُجَرَّدُ الْنَّسَبِ وَالْفَخْرُ الْعِظَامِيُّ كَمَا مَرَّ.
وَإِمَّا أَنْ يَهْدِمْهُ بِمُلَابَسَةِ ضِدِّ مَا كَانَ أَوَّلًَا، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ هَدَمَ الْدَّارَ ثُمَّ حَفَرَ الْبُقْعَةَ أَيْضًَا فَأَفْسَدَهَا؛ فَهَذَا مَذْمُوْمٌ بِمَا جَنَى عَلَى نَفْسِهِ وَبِمَا جَنَى عَلَى حَسَبِهِ وَنَسَبِهِ ...). (^١)
هَذَا، وَقَدْ رَدَّ الْرَّاغِبُ الْأَصْبَهَانِيُّ (ت ٥٠٢ هـ) ﵀ عَلَى مَنْ لَا يَرَى الْاعْتِدَادَ بِشَرَفِ الْآبَاءِ، وَذَكَرَ أَنَّ «كَرَمَ الْأَعْمَامِ وَالْأَخْوَالِ مَخِيْلَةٌ لِكَرَمِ الْمَرءِ وَمَظِنَّةٌ لَهُ، فَالْفَرْعُ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَفْسُدُ أَحْيَانًَا، فَمَعْلُوْمٌ أَنَّ أَصْلَهُ
(^١) «المحاضرات في اللغة والأدب» (١/ ٦٧ ــ ٧٦) مختصرًا.
1 / 62