2. اتفاقهما في القضايا الكبرى في أصول الدين. وهذا لا يكفي أيضا لأن الموافقة في الآراء لا تعني ضرورة أنهما مدرسة واحدة، أو أن لهما شيخا مشتركا. وخصوصا في آراء تجد نسبتها في العقل ومحكم التنزيل، مما يعني أنها شائعة لكل من أرادها. فالقول بالتوحيد والعدل والوعيد والإمامة لا تحتاج إلى عقول متميزة لتدركها، وتقول بها. ربما الاحتجاج لها قد يتطلب ذلك، ولكن القول بها متيسر لكل من أعمل يسيرا من عقله، وتأمل قليلا في كتاب الله جل وعلا. فما بالك بأعلام أهل البيت النبوة في ذلك العصر، ممن عرفوا واشتهروا برجاحة عقل، ووفرة علم؟ ثم إذا كان لا بد من أن تكون هذه الموافقة نشأت عن شيخ مشترك، فإن الإمام عليا سيكون هو ذلك الشيخ حيث إن واصل بن عطاء تتلمذ في الأصول على يد أبي هاشم عبدالله بن محمد بن علي بن أبي طالب(ت98ه)، وأعلام أهل البيت آنذاك أخذوا علومهم أبا عن أب إلى الإمام علي أيضا.
3. ما رواه الشهرستاني(ت584ه) من أن الإمام زيدا تتلمذ على واصل بن عطاء فأخذ عنه أصول المعتزلة، ثم نقلها الإمام زيد إلى بقية أهل البيت ممن تبعه. والأمر هذا أيضا لا مستند له. فكلام الشهرستاني غير مسبوق، ولم يذكره أو يشر إليه أحد من قبله من المؤرخين، بل حتى المعتزلة في كتبهم، عندما يذكرون الإمام زيدا في طبقاتهم لا يذكرون هذا الأمر. ثم إن الشواهد التاريخية تعارضه. فاللقاء بينهم إن حصل لم يكن ليتم إلا بعد أن تقدم الإمام زيد في عمره، وبالتالي في نضوجه العلمي. وآنذاك من البعيد أن يكون جاهلا بتلك القضايا ليأخذها عن واصل، خصوصا أن كلا من أبيه وأخيه كانا يقولان بالتوحيد والعدل.
পৃষ্ঠা ৮৯