وهي عبارة مأخوذة من قول الثعالبى في وصف آثار السرى الرفاء:
«كأنها أطواق الحمام، وصدور البزاة البيض، وأجنحة الطواويس، وسوالف الغزلان، ونهود العذارى الحسان، وغمزات الحدق الملاح» وكذلك يمكن رد أكثر التعابير الوصفية التي يغرم بها كتاب الصنعة في العصر الحاضر من امثال الأساتذة: صادق عنبر، ومحمد السباعى، ومحمد هلال وكان القرن الرابع يؤدى للقرون التي تلته ما أخذه عن القرون التى سبقته، فقد كان كتّابه مولعين بحل الشعر لا يرون معنى بديعا، ولا حيالا طريفا إلا اقتبسوه، وأضافوه إلى ثروتهم النثرية وقد أشاع كتاب القرن الرابع نظرية (الفن للفن) وإن لم يدركوا ما لهذه النظرية من الأوضاع والتقاليد؛ فقد عودوا القراء تذوق الكتابة البديعة، وحببو إليهم النثر المصنوع، فأصبح المتأدبون يتأملون مواقع الألفاظ وقرار التراكيب، وصارت فنون البديع من تورية وجناس وطباق أصولا فنية يجد القارىء لذة ومتعة حين يراها وقعت موقعا حسنا وأصابت الغرض الذى وضعت له، ولو كان غرضا لفظيا لا يتوقف عليه تمام المعنى المقصود ولكن أليس لهذا الزخرف قيمة في فهم ذلك العصر؟ بلى، إنه يدلنا على أن أولئك الناس عرفوا لغتهم معرفة جيدة، ووقفوا على أسرارها وطرائق تعبيرها، وكان همهم أن يرتبوا الألفاظ والمعانى والتعابير والأخيلة، حتى استطاع كاتبهم أن يحشر أرباب الصناعات في صعيد واحد ثم ينطقهم بأسرار البلاغة، كل على طريقته وبأسلوبه الذى يختاره في مقر مهنته ومهد عمله. وما نحسب كتاب القرون الأولى مثلا كانوا يفكرون في جمع شتات اللغة لتصبح طوع أفكارهم وأقلامهم، وإنما كانوا قوما يكتفون في سبيل الوصول إلى أغراضهم بالعبارة
1 / 28