وقولهم في صفات الغلمان:
جاءنا في غلالة تنمّ على ما يستره، وتحنو مع رقتها على ما يظهره.
الجنة مجتناة من قربه، وماء الجمال يترقرق في خده، ومحاسن الربيع بين سحره ونحره، والقمر فضلة من حسنه.
له طرّة كالغسق، على غرة كالفلق.
الحسن ما فوق أزراره، والطيب ما تحت إزاره.
هو قمر في التصوير، وشمس في التأثير.
وجه بماء الحسن مغسول، وطرف عرود السحر مكحول شادن فاتر طرفه، ساحر لفظه، تكاد القلوب تأكله، والعيون تشربه.
السحر في ألحاظه، والشّهد في ألفاظه.. إلخ.
ولقد ظلت هذه التعابير الوصفية منبعا يستقى منه الكتّاب إلى العصر الحديث، والنقاد في مصر أعجبوا بقول حافظ إبراهيم في وصف الصهباء:
خمرة قيل إنهم عصروها ... من خدود الملاح في يوم عرس
وهو خيال سبق إليه كتاب القرن الرابع، وردده ابن خفاجة إذ قال:
وشربتها عذراء تحسب أنها ... معصورة من وجنتى عذراء
وقد ظن أستاذنا الدكتور طه حسين أن حافظ إبراهيم أول من ألمّ بهذا «١» الخيال فنقده وسفّهه حين عرض لنقد ترجمة البؤساء. فلينقل المعركة إذن إلى ميدان القرن الرابع، وإن كنت لا أدرى كيف يعاف الشراب المعصور من خدود الملاح.
وكذلك أعجب النقاد بقول السيد توفيق البكرى في وصف النساء «صدور كالإغريض، أو صدور البزاة البيض»
1 / 27