============================================================
يطلبون. ومنهم شياطين الإنس، عن الآخرة يصدون، وعلى الدنيا يتكالبون، والى جمعها بهرعون، وفي الاستكثار منها يرغبون، فهم في الدنيا أحياء، وفي العرف موق، بل العرف عندهم منكر. والاستواء [ بين الحي والميت )(1) روف فتفقدت في الأصناف نفسي، وضقت بذلك ترعا، فقصدت إلى هدى المهتدين بطلب السداد والهدى، وإسترشدت العلم، واعملت الفكر، وأطلت النظر، فتبين لي من كتاب الله وسنة نبيه، وإجماع الأمة، أن اتباع الهوى يعمي عن الرشد، ويضل عن الحق، ويطيل المكث في العمى فبدات بإسقاط الهوي عن قلبي(2)، ووقفت عند اختلاف الأمة مرتادا لطلب الفرقة الناجية، حذارا من الأهواء المردية، والفرقة الهالكة، متحرزأ من الأقتحام قبل البيان، وألتمس سبيل النجاة لمهجة نفسي: ثم وجدت باجتماع الأمة في كتاب الله المنزل أن سبيل النجاة في التمسك يتقوى الله، وأداء فرائضه والورع في حلاله وحرامه وجميع حدوده(3)، (1) ما بين المعقوفتين : سقطت من الأصول، وأضفتها لتوضيح المعنى: (2) الهوي : ميل النفس اللوامة والأمارة في حال ارتفاع الصفة عنها عند العزم على اقتراف إثم محبب للنفس . والهوى يعمي عن الرشد حقا، قال الله تعالى : ( افرأيت من اتخذ إلهه هواه أفانت تكون عليه وكيلا الآيات .
والضابط الذي يعرف به عمل الهوى من عمل العقل، هو أن يعرض الإنسان العمل على نفسه فإن وجد نفسه مشتاقة إليه، راغبة فيه فهو باطل من عمل الهوى، وإن وجد نفسه تافرة منه مستثقلة له، فهوحق من عمل العقل، ومرغوب الحق (3) الورع في الحلال : هو تحري الحلال الخالص من شائبة الحرمة والكراهة بنوعيها، التنزيهية والتحريية، وترك ما يريب إلى ما لا يريب والورع في الحرام : تركه وإقتلاع جذور الميل إليه من القلب . والأصل الجامع لتلك الأصول هو : التخلى والتحلي . والمراد إحلال عادة حسنة مكان العادة السيئة التي يراد اقتلاعها وقد بعثرت تلك الوسائل التربوية السلوكية في كتب السلوك ، ومن اهمها: ترتيب النوافل، والأوراد، وقيام الليل وحضور الجماعات، والاجتماع لذكر الله ، والاشتغال بأمور الأخوان . كل ذلك في نظام رتيب وأوقات معلومة لا يتخلف المريد عنها إلا لضرورة . وتلك وسيلة تربوية حديثة أقرها علم النفس الحديث، وسار على هداها ، وإعترف بتائجها وأثرها في تقويم الإنسان
পৃষ্ঠা ৬১