الوجوب والتحريم، لا يمكنه استخراج الوجوب من الدليل؛ لأن الحكم على الوجوب بأنه يثبت بالأمر فرع تصور الوجوب، فيكون البحث عن الأعراض الذاتية للأدلة موقوفًا على تصور الأحكام الخمسة.
فالعلم بدلالة الدليل على الحكم يتوقف على تصور الحكم، وأما العلم بذات الأدلة فإنه لا يتوقف على تصور الأحكام، فإن تصور كون القرآن كذا لا يتوقف على تصور الأحكام، وليس الأصول مستمدًا من ثبوت الأحكام لأفعال المكلفين، وإلا لزم الدور؛ لأن العلم بثبوت الأحكام لأفعال المكلفين متأخر عن الأصول لاستفادته عنها، فلو كان مبدأً للأصول لكان متقدمًا، ولزم الدور.
لا يقال: إنما يلزم الدور لو كان من المبادئ العامة، بأن تكون كل مسألة من الأصول تتوقف على العلم بثبوت الأحكام لأفعال المكلفين، أما إذا كان بعض مسائل الأصول موقوفًا عليه، فلا دور، لجواز أن يكون الحكم مستفادًا من غير تلك المسائل من الأصول.
لأنا نقول: الحكم الواحد يتوقف على جميع الأصول، لتوقف نفس الدليل على المبادئ مما تقدم، ويتوقف الاستنباط على الاجتهاد والترجيح.
وأيضًا: استقرينا فلم نجد شيئًا منها يتوقف على العلم بثبوت الأحكام.
وقوله: (ليمكن إثباتها أو نفيها)، أي لأفعال المكلفين، لا
1 / 160