لا يقال: علم الله ﷾ عن الدليل، لأن العلم بالعلة يستلزم العلم بالمعلول، لأنا نقول: الأدلة معرفات لا علل.
وأيضًا: كل ما حصل عن الدليل فهو كسبي، وكل كسبي حادث. قيل: قيد الاستدلال مستغنى عنه، إذ علم المستفتي ليس عن دليل. وأجيب: لما كان علمه عن علم المفتي، وعلم المفتي عن الدليل، فعلمه عن الدليل لكن بواسطة، فقيد الاستدلال يخرجه، إذ لم يعلم بالاستدلال.
قلت: وفيه نظر؛ لأنه حينئذ لا يكون متعلقًا بالعمل بل بصفة، بمعنى المعلومة عن أدلة تفصيلية؛ لأنه علم ما علمه الغير عن دليل، لا أنه هو علم عن الدليل، وأيضًا: يرد مثل ذلك في قولنا بالاستدلال؛ لأن ما علم المستفتي صدق أنه علم عن الأدلة بالاستدلال بالنسبة إلى المفتي، معأن علم المستفتي فعن دليل كلي، وهو: هذا أفتاني به المفتي، وكل ما أفتاني به فهو حكم الله تعالى في حقي.
والفقه ما كان عن أدلة تفصيلية، لكن ثبت في بعض النسخ، ولأن قولنا: الاستدلال يخرجه فتغير على هذا، والحق أنه متعلق بالعلم؛ لأن الحكم قديم، فالعلم به عن الدليل، لا أن نفسه عن الدليل.
1 / 153