تفسير التبيان ج1
و(زدت) فعل يتعدى إلى مفعولين قال تعالى (وزدناهم هدى وزدناهم عذابا فوق العذاب) وزاده بسطة في العلم والجسم وقوله (فزادهم ايمانا) والمعنى: زادهم فوق الناس لهم ايمانا اضمر المصدر في الفعل واسند الفعل اليه كما قال (مازادهم إلا نفورا)(1) أي ما زادهم مجئ النذير والمعنى ازدادوا عنده.
وقال ابوعبيدة المرض الشك والنفاق وقيل في قوله فيطمع الذي في قلبه مرض) أي فجور.
وقال سيبويه: مرضته قمت عليه ووليته وامرضته: جعلته مريضا وقيل إن المرض الغم والوجع من الحسد والعداوة لكم (فزادهم الله مرضا) دعاء عليهم كما قال تعالى: (ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم)(2) اصل المرض: السقم في البدن فشبه ما في قلوبهم من النفاق والشك بمرض الاجساد والاليم بمعنى المؤلم الموجع: فعيل بمعنى مفعل: مثل بديع بمعنى مبدع ومكان حريز بمعنى محرز فال ذو الرمة: يصك وجوهها وهج اليم فان قيل اذا كان معنى قوله: (في قلوبهم مرض) أي شك ونفاق ثم قال: (فزادهم الله مرضا) ثبت ان الله يفعل الكفر بخلاف ماتذهبون اليه قيل: ليس الامر على ما ذكرتم بل معناه: إن المنافقين كانوا كلما أنزل الله آية أو سورة كفروا بها فازدادوا بذلك كفرا إلى كفرهم وشكا إلى شكهم فجاز لذلك أن يقال: فزادهم الله مرضا لما ازدادوا هم مرضا عند نزول الآيات.
ومثل ذلك قوله حكاية عن نوح: (رب اني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا)(3) هم الذين ازدادوا فرارا عند دعائه: ومثل قوله: (فزادهم رجسا إلى رجسهم)(4) انما اراد انهم ازدادوا عند نزول الآية وكقوله:
---
(1) سورة فاطر آية 42.
(2) سورة التوبة آية 128.
(3) سورة نوح آية 6.
(4) سورة التوبة آية 126.
পৃষ্ঠা ৭১