تأليف:
شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
385 - 460 ه_.
تحقيق وتصحيح أحمد حبيب قصير العاملي
المجلد الاول تفسير التبيان ج1
পৃষ্ঠা ১
التبيان في تفسير القرآن
تأليف
شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
385 - 460 ه_.
تحقيق وتصحيح أحمد حبيب قصير العاملي
المجلد الاول
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
الحمدلله اعترافا بتوحيده، واخلاصا لربوبيته، واقرارا بجزيل نعمته، وإذعانا لعظيم منته، وشكرا على جميع مواهبه، وكريم فواضله، وصلى الله على خيرته من خلقه محمد صلى الله عليه وآله، والطاهرين من عترته، والطيبين من أرومته، وسلم تسليما.
أما بعد، فان الذي حملنى على الشروع في عمل هذا الكتاب اني لم أجد أحدا من أصحابنا - قديما وحديثا - من عمل كتابا يحتوي على تفسير جميع القران، ويشتمل على فنون معانيه وانما سلك جماعة منهم في جميع ما رواه ونقله وانتهى اليه في الكتب المرويه في الحديث، ولم يتعرض أحد منهم لاستيفاء ذلك، وتفسير ما يحتاج اليه.
فوجدت من شرع في تفسير القرآن من علماء الامة، بين مطيل في جميع معانيه، واستيعاب ما قيل فيه من فنونه - كالطبري وغيره - وبين مقصر اقتصر على ذكر غريبه، ومعاني ألفاظه. وسلك الباقون المتوسطون في ذلك مسلك ما قويت فيه منتهم(1) وتركوا مالا معرفة لهم به فان الزجاج والفراء ومن اشبههما من والنحويين، أفرغوا وسعهم فيما يتعلق بالاعراب والتصريف. ومفضل بن سلمة وغيره - استكثروا من علم اللغة، واشتقاق الالفاظ. والمتكلمين - كأبي علي الجبائي وغيره - صرفوا همتهم إلى ما يتعلق بالمعاني الكلامية.
ومنهم من أضاف إلى ذلك، الكلام في فنون علمه، فادخل فيه ما لايليق به، من بسط فروع الفقه، واختلاف الفقهاء - كالبلخي وغيره - وأصلح من سلك في ذلك مسلكا جميلا مقتصدا، محمد ابن بحر، أبومسلم الاصفهاني، وعلي بن عيسى الرماني، فان كتابيهما أصلح
---
(1) المنة: القوة والكلمة من الاضداد.
পৃষ্ঠা ১
تفسير التبيان ج1
ما صنف في هذا المعنى، غير أنهما أطالا الخطب فيه، وأوردا فيه كثيرا مما لا يحتاج وسمعت جماعة من اصحابنا قديما وحديثا، يرغبون في كتاب مقتصد يجتمع على جميع فنون علم القرآن، من القراءة، والمعاني والاعراب، والكلام على المتشابه، والجواب عن مطاعن الملحدين فيه، وأنواع المبطلين، كالمجبرة، والمشبههة والمجسمة وغيرهم، وذكر ما يختص اصحابنا به من الاستدلال بمواضع كثيرة منه على صحة مذاهبهم في اصول الديانات وفروعها وأنا ان شاء الله تعالى، أشرع في ذلك على وجه الايجاز والاختصار لكل فن من فنونه، ولا أطيل فيمله الناظر فيه، ولا اختصر اختصارا يقصر فهمه عن معانيه وأقدم امام ذلك، فصلا يشتمل على ذكر جمل لابد من معرفتها دون استيفائها، فان لاستيفاء الكلام فيها مواضع هي أليق به ومن الله استمد المعونة، وأستهديه إلى طريق الرشاد، بمنه وقدرته ان شاء الله تعالى
فصل في ذكر جمل لابد من معرفتها قبل الشروع في تفسير القرآن
إعلم ان القرآن معجزة عظيمة على صدق النبي عليه السلام، بل هو من أكبر المعجزات وأشهرها. غير أن الكلام في إعجازه، وجهة إعجازه، واختلاف الناس فيه، لا يليق بهذا الكتاب، لانه يتعلق بالكلام في الاصول. وقد ذكره علماء أهل التوحيد، وأطنبوا فيه، واستوفوه غاية الاستيفاء.
وقد ذكرنا منه طرفا صالحا في شرح الجمل، لايليق بهذا الموضع، لان استيفاءه يخرج به عن الغرض واختصاره لايأتي على المطلوب، فالاحالة عليه أولى والمقصود من هذا الكتاب علم معانيه، وفنون أغراضه وأما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لايليق به ايضا، لان الزيادة فيه مجمع على بطلانها والنقصان منه، فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه، وهو الاليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضى (ره)، وهو الظاهر في الروايات غير أنه رويت روايات كثيره، من جهة الخاصة والعامة، بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شئ منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لاتوجب علما ولا عملا، والاولى الاعراض عنها، وترك التشاغل بها، لانه يمكن تأويلها ولو صحت لما كان ذلك طعنا على ما هو موجود بين الدفتين، فان ذلك معلوم صحته، لايعترضه احد من الامة ولايدفعه ورواياتنا متناصرة بالحث على قراءته والتمسك بما فيه، ورد ما يرد من اختلاف الاخبار في الفروع اليه.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله رواية لا يدفعها احد، انه قال: (اني مخلف فيكم الثقلين، ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) وهذا يدل على تفسير التبيان ج1
পৃষ্ঠা ২
انه موجود في كل عصر، لانه لايجوز ان يأمر بالتمسك بما لا نقدر على التمسك به.
كما أن اهل البيت، ومن يجب اتباع قوله حاصل في كل وقت. واذا كان الموجود بيننا مجمعا على صحته، فينبغي ان نتشاغل بتفسيره، وبيان معانيه ونترك ما سواه واعلم ان الرواية ظاهرة في اخبار اصحابنا بأن تفسير القرآن لايجوز إلا بالاثر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله، وعن الائمة عليهم السلام، الذين قولهم حجة كقول النبي صلى الله عليه وآله، وان القول فيه بالرأي لايجوز.
وروى العامة ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: (من فسرالقرآن برأيه وأصاب الحق، وفقد اخطأ) وكره جماعة من التابعين وفقهاء المدينة القول في القرآن بالرأي: كسعيد بن المسيب وعبيدة السلماني، ونافع، ومحمد بن القاسم، وسالم بن عبدالله، وغيرهم وروي عن عائشة أنها قالت: لم يكن النبي " ص " يفسر القرآن إلا بعد أن يأتي به جبرائيل (ع) والذي نقول في ذلك: إنه لايجوزان يكون في كلام الله تعالى وكلام نبيه تناقض وتضاد وقد قال الله تعالى: " انا جعلناه قرآنا عربيا "(1) وقال: " بلسان عربي مبين "(2) وقال " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه "(3) وقال: " فيه تبيان كل شئ " وقال: " ما فرطنا في الكتاب من شئ "(4) فكيف يجوز ان يصفه بانه عربي مبين، وانه بلسان قومه، وانه بيان للناس ولا يفهم بظاهره شئ؟ وهل ذلك إلا وصف له باللغز والمعمى الذي لا يفهم المراد به إلا بعد تفسيره وبيانه؟ وذلك منزه عن القرآن وقد مدح الله أقواما على استخراج معاني القرآن فقال: " لعلمه الذين يستنبطونه منهم "(5)، وقال في قوم
---
(1) سورة الزخرف: آية 43.
(2) سورة الشعراء: آية 195.
(3) سورة ابراهيم: آية 4.
(4) سورة الانعام: آية 38.
(5) سورة النساء: آية 82.
পৃষ্ঠা ৩
تفسير التبيان ج1
يذمهم حيث لم يتدبروا القرآن، ولم يتفكروا في معانيه: " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها(1) وقال النبي صلى الله عليه وآله. (اني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي) فبين ان الكتاب حجة، كما أن العترة حجة.
وكيف يكون حجة ما لا يفهم به شئ؟ وروى عنه عليه السلام انه قال: (اذا جاءكم عني حديث، فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فاقبلوه، وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط) وروي مثل ذلك عن أئمتنا عليهم السلام، وكيف يمكن العرض على كتاب الله، وهو لا يفهم به شئ؟ وكل ذلك يدل على ان ظاهر هذه الاخبار متروك.
والذي نقول به: إن معاني القرآن على أربعة أقسام:
احدها - ما اختص الله تعالى بالعلم به، فلا يجوز لاحد تكلف القول فيه، ولاتعاطي معرفته، وذلك مثل قوله تعالى: " يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل: إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو "(2) ومثل قوله تعالى: " ان الله عنده علم الساعة.."(3) إلى آخرها فتعاطي معرفة ما اختص الله تعالى به خطأ.
وثانيها - ما كان ظاهره مطابقا لمعناه، فكل من عرف اللغة التي خوطب بها، عرف معناها، مثل قوله تعالى: " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق "(4) ومثل قوله تعالى: (قل هو الله أحد)(5) وغير ذلك.
وثالثها - ما هو مجمل لا ينبئ ظاهره عن المراد به مفصلا. مثل قوله تعالى: (أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة)(6) ومثل قوله: (ولله على الناس حج البيت
---
(1) سورة محمد: آية 24.
(2) سورة الاعراف: آية 186.
(3) سورة لقمان: آية 34.
(4) سورة الانعام: آية 151.
(5) سورة التوحيد: آية 1.
(6) سورة البقرة: آية 43 و83 و110 النساء آية 76. الحج آية 78 النور آية 56 المجادلة آية 13 الزمل آية 2.
পৃষ্ঠা ৪
تفسير التبيان ج1
من استطاع اليه سبيلا)(1) وقوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)(2) وقوله: (وفي أموالهم حق معلوم)(3) وما اشبه ذلك.
فان تفصيل اعداد الصلاة وعدد ركعاتها، وتفصيل مناسك الحج وشروطه، ومقادير النصاب في الزكاة لا يمكن استخراجه إلا ببيان النبي صلى الله عليه وآله ووحي من جهة الله تعالى. فتكلف القول في ذلك خطأ ممنوع منه، يمكن ان تكون الاخبار متناولة له ورابعها - ما كان اللفظ مشتركا بين معنيين فما زاد عنهما، ويمكن ان يكون كل واحد منهما مرادا. فانه لاينبغي أن يقدم احد به فيقول: ان مراد الله فيه بعض ما يحتمل - إلا بقول نبي او امام معصوم - بل ينبغي ان يقول: ان الظاهر يحتمل لامور، وكل واحد يجوز أن يكون مرادا على التفصيل.
والله أعلم بما أراد ومتى كان اللفظ مشتركا بين شيئين، أو ما زاد عليهما، ودل الدليل على انه لا يجوزان يريد إلا وجها واحدا، جاز ان يقال: إنه هو المراد ومتى قسمنا هذه الاقسام، نكون قبلنا هذه الاخبار، ولم نردها على وجه يوحش نقلتها والمتمسكين بها، ولا منعنا بذلك من الكلام في تأويل الآي جملة ولاينبغي لاحد ان ينظر في تفسير آية لاينبئ ظاهرها عن المراد تفصيلا، أو يقلد أحدا من المفسرين، إلا ان يكون التأويل مجمعا عليه، فيجب اتباعه لمكان الاجماع، لان من المفسرين من حمدت طرائقه، ومدحت مذاهبه، كابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد وغيرهم.
ومنهم من ذمت مذاهبه، كأبي صالح، والسدي والكلبي وغيرهم. هذا في الطبقة الاولى.
وأما المتأخرون فكل واحد منهم نصر مذهبه، وتأول على ما يطابق اصله، ولا يجوز لاحد أن يقلد أحدا منهم، بل ينبغي ان يرجع إلى الادلة الصحيحة: إما العقلية، أو الشرعية، من اجماع عليه، أو نقل متواتر به، عمن يجب اتباع قوله، ولا يقبل في ذلك خبر واحد، خاصة
---
(1) سورة آل عمران: آية 91.
(2) سورة الانعام: آية 141.
(3) سورة المعارج: آية 23.
পৃষ্ঠা ৫
تفسير التبيان ج1
اذا كان مما طريقه العلم، ومتى كان التأويل يحتاج إلى شاهد من اللغة، فلا يقبل من الشاهد إلا ما كان معلوما بين اهل اللغة، شائعا بينهم.
وأما طريقة الآحاد من الروايات الشاردة، والالفاظ النادرة فانه لايقطع بذلك، ولا يجعل شاهدا على كتاب الله وينبغي أن يتوقف فيه ويذكر ما يحتمله، ولايقطع على المراد منه بعينه، فانه متى قطع بالمراد كان مخطئا، وان أصاب الحق، كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله لانه قال تخمينا وحدسا ولم يصدر ذلك عن حجة قاطعة وذلك باطل بالاتفاق.
واعلموا ان العرف من مذهب اصحابنا والشائع من اخبارهم ورواياتهم ان القرآن نزل بحرف واحد، على نبي واحد، غير انهم اجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله الفراء وأن الانسان مخير باي قراءة شاء قرا، وكرهوا تجويد قراءة بعينها بل اجازوا القراءة بالمجاز الذي يجوز بين القراء ولم يبلغوا بذلك حد التحريم والحظر وروى المخالفون لنا عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: (نزل القرآن على سبعة احرف كلها شاف كاف) وفي بعضها: (على سبعة ابواب) وكثرت في ذلك رواياتهم. لامعنى للتشاغل بايرادها واختلفوا في تأويل الخبر، فاختار قوم ان معناه على سبعة معان: أمر، ونهى، ووعد، ووعيد، وجدل، وقصص، وأمثال وروى ابن مسعود عن النبى " ص " انه قال: " نزل القرآن على سبعة أحرف: زجر، وأمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وامثال.
" وروى ابوقلامة عن النبى [ ص ] انه قال: [ نزل القرآن على سبعة أحرف: أمر، وزجر، وترغيب، وترهيب، وجدل، وقصص، وأمثال. ]
وقال آخرون: [ نزل القرآن على سبعة أحرف ] أي سبع لغات مختلفة، مما لا يغير حكما في تحليل وتحريم، ومثل. هلم. ويقال من لغات مختلفة، ومعانيها مؤتلفة. وكانوا مخيرين في أول الاسلام في أن يقرأوا بما شاءوا منها. ثم اجمعوا على حدها، فصار ما اجمعوا عليه مانعا مما اعرضوا عنه.
وقال آخرون: [ نزل على سبع لغات من اللغات الفصيحة، لان القبائل بعضها افصح من بعض ] وهو الذى اختاره الطبرى.
وقال بعضهم: [ هي على سبعة اوجه من اللغات، متفرقة في القرآن، لانه لايوجد حرف قرئ على سبعة اوجه. ] تفسير التبيان ج1
পৃষ্ঠা ৬
وقال بعضهم: [ وجه الاختلاف في القراءات سبعة: أولها - اختلاف اعراب الكلمة او حركة بنائها فلا يزيلها عن صورتها في الكتاب ولا يغير معناها نحو قوله: هؤلاء بناتي هن اطهر لكم(1) بالرفع والنصب وهل نجازي إلا الكفور؟(2 بالنصب والنون وهل يجازى إلا الكفور؟ بالياء والرفع وبالبخل تفسير التبيان ج1
পৃষ্ঠা ৭
والبخل والبخل برفع الباء ونصبها. وميسرة وميسرة بنصب السين ورفعها.
والثاني - الاختلاف في اعراب الكلمة وحركات بنائها مما يغير معناها ولا يزيلها عن صورتها في الكتابة مثل قوله: ربنا باعد بين اسفارنا(5) على الخبر ربنا باعد على الدعاء. واذ تلقونه بالسنتكم(6) بالتشديد وتلقونه بكسر اللام والتخفيف.
والوجه الثالث - الاختلاف في حروف الكلمة دون اعرابها، ومما يغير معناها ولا يزيل صورتها نحو قوله تعالى: كيف ننشزها(7) بالزاء المعجمة وبالراء الغير معجمة.
والرابع - الاختلاف في الكلمة مما يغير صورتها ولا يغير معناها نحو قوله: ان كانت إلا صيحة واحدة(8) والازقية. وكالصوف المنفوش وكالعهن المنفوش(9).
والخامس - الاختلاف في الكلمة مما يزيل صورتها ومعناها نحو: وطلح منضود(10) وطلع.
السادس - الاختلاف بالتقديم والتأخير نحو قوله: وجاءت سكرة الموت
---
(1) سورة هود آية 78.
(2) سورة سبأ آية 17.
(3) سورة النساء آية 36 الحديد آية 24 والبخل بالرفع مصدر بخل والبخل بالفتح مصدر بخل.
(4) سورة البقرة آية 28.
(5) سورة سبأ آية آية 19.
(6) سورة النور آية 15.
(7) سورة البقرة آية 259.
(8) سورة يس آية 29 - 49 - 53 - سورة ص آية 15.
(9) سورة القارعة. آية 50 " 10 " سورة ق آية - 19.
পৃষ্ঠা ৮
تفسير التبيان ج1
بالحق(1) وجاءت سكرة الحق بالموت.
السابع - الاختلاف بالزيادة والنقصان نحو قوله: وما عملت ايديهم وما عملته(2) باسقاط الهاء واثباتها.
ونحو قوله: فان الله هو الغني الحميد وان الله الغني الحميد. في سورة الحديد(3).
وهذا الخبر عندنا وان كان خبرا واحدا لا يجب العمل به فالوجه الاخير أصلح الوجوه على ما روي عنهم عليه السلام من جواز القراءة بما اختلف القراء فيه.
واما القول الاول فهو على ما تضمنته لان تأويل القرآن لا يخرج عن احد الاقسام السبعة: إما أمر. او نهي. اووعد. او وعيد. اوخبر اوقصص اومثل وهو الذي ذكره اصحابنا في اقسام تفسير القرآن فاما ماروي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: [ ما نزل من القرآن من آية إلا ولها ظهر وبطن ] وقد رواه ايضا اصحابنا عن الائمة عليهم السلام فانه يحتمل ذلك وجوها: احدها - ما روي في أخبارنا عن الصادقين عليهما السلام وحكي ذلك عن ابي عبيدة أن المراد بذلك القصص باخبار هلاك الاولين وباطنها عظة للاخرين والثاني - ما حكي عن ابن مسعود انه قال: [ ما من آية إلا وقد عمل بها قوم ولها قوم يعملون بها ] والثالث - معناها أن ظاهرها لفظها وباطنها تأويلها ذكره الطبري واختاره البلخي والرابع - ما قال الحسن البصري: [ انك اذا فتشت عن باطنها وقسته على ظاهرها وقفت على معناها ] وجميع اقسام القرآن لا يخلو من ستة: محكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ وخاص وعام فالمحكم ما انبأ لفظه عن معناه من غير اعتبار امر ينضم اليه سواء كان اللفظ لغويا او عرفيا ولا يحتاج إلى ضروب من التأويل وذلك نحو قوله: [ لا يكلف
---
(1) سورة يس آية 35.
(2) سورة الواقعة آية 25.
(3) آية 24.
পৃষ্ঠা ৯
تفسير التبيان ج1
الله نفسا إلا وسعها ](1)
وقوله: [ ولاتقتلوا النفس التي حرم الله ](2)
وقوله: [ قل هو الله احد ](3)
وقوله: [ لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوءا احد ](4)
وقوله: [ وما ربك بظلام للعبيد ](5)
وقوله: [ ما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ](6)
ونظائر ذلك والمتشابه ما كان المراد به لايعرف بظاهره بل يحتاج إلى دليل وذلك ما كان محتملا لامور كثيرة أو امرين ولا يجوزان يكون الجميع مرادا فانه من باب المتشابه.
وانما سمي متشابها لاشتباه المراد منه بما ليس بمراد وذلك نحو قوله: [ يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ](7)
وقوله: [ والسماوات مطويات بيمينه ](8)
وقوله: (تجري باعيننا)(9) وقوله (يضل من يشاء)(10) وقوله: (فاصمهم وأعمى أبصارهم وطبع على قلوبهم)(11) ونظائر ذلك من الآي التي المراد منها غير ظاهرها.
فان قيل: هلا كان القرآن كله محكما يستغنى بظاهره عن تكلف ما يدل على المراد منه حتى دخل على كثير من المخالفين للحق شبهة فيه وتمسكوا بظاهره على ما يعتقدونه من الباطل؟ أتقولون إن ذلك لم يكن مقدورا له تعالى؟ فهذا هو القول بتعجيزه ! أو تقولون هو مقدور له ولم يفعل ذلك فلم لم يفعله؟ قيل الجواب على ذلك من وجهين: احدهما - ان خطاب الله تعالى - مع ما فيه من الفوائد - المصلحة معتبرة في الفاظه فلا يمتنع أن تكون المصلحة الدينية
---
(1) سورة البقرة آية 286.
(2) سورة الانعام آية 151.
(3) سورة التوحيد آية 1.
(4) سورة التوحيد آية 3 و4.
(5) سورة حم السجدة آية 46.
(6) سورة الذاريات آية 56.
(7) سورة الزمر آية 56.
(8) سورة الزمر آية - 67.
(9) سورة القمر آية 14 " 10 " سورة الرعد آية 29. ابراهيم آية - 4 فاطر آية - 8 " 11 " سورة محمد آية 23.
পৃষ্ঠা ১০
تفسير التبيان ج1
تعلقت بان يستعمل الالفاظ المحتملة ويجعل الطريق إلى معرفة المراد به ضربا من الاستدلال ولهذه العلة أطال في موضع وأسهب واختصر في آخر وأوجز واقتصر وذكر قصة في موضع وأعادها في موضع آخر واختلفت أيضا مقادير الفصاحة فيه وتفاضلت مواضع منه بعضه على بعض والجواب الثاني: ان الله تعالى انما خلق عباده تعريضا لثوابه وكلفهم لينالوا اعلى المراتب واشرفها ولو كان القرآن كله محكما لا يحتمل التأويل ولا يمكن فيه الاختلاف لسقطت المحنة وبطل التفاضل وتساوت المنازل ولم تبن منزله العلماء من غيرهم وانزل الله القرآن بعضه متشابها ليعمل أهل العقل افكارهم ويتوصلوا بتكلف المشاق والنظر والاستدلال إلى فهم المراد فيستحقوا به عظيم المنزلة وعالي الرتبة فان قيل: كيف تقولون، ان القرآن فيه محكم ومتشابه، وقد وصفه الله تعالى بأنه اجمع محكم؟ ووصفه في مواضع أخر بأنه متشابه وذكر في موضع آخر ان بعضه محكم، وبعضه متشابه - كما زعمتم - وذلك نحو قوله: " الر. كتاب احكمت آياته "(1) وقال في موضع آخر: " الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها "(2) وقال في موضع آخر: " وهو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب وأخر متشابهات "(3) وهل هذا إلا ظاهر التناقض؟ قلنا: لا تناقض في ذلك، لان وصفه محكم كله، المراد به انه بحيث لايتطرق عليه الفساد والتناقض والاختلاف والتباين والتعارض، بل لاشئ منه إلا وهو في غاية الاحكام - إما بظاهره او بدليله، على وجه لا مجال للطاعنين عليه.
ووصفه بانه متشابه أنه يشبه بعضه بعضا في باب الاحكام الذي أشرنا اليه، وأنه لا خلل فيه ولا تباين ولا تضاد ولا تناقض. ووصفه بان بعضه محكم، وبعضه متشابه ما اشرنا اليه ، من ان بعضه ما يفهم المراد بظاهره فيسمى محكما ومنه ما يشتبه المراد منه بغيره وان كان على المراد والحق منه دليل فلا تناقض في ذلك بحال.
---
(1) سورة هود آية 1.
(2) سورة الزمر آية 23.
(3) سورة آل عمران آية 7.
পৃষ্ঠা ১১
تفسير التبيان ج1
واما الناسخ فهو كل دليل شرعي يدل على زوال مثل الحكم الثابت بالنص الاول في المستقبل على وجه لولاه لكان ثابتا بالنص الاول مع تراخيه عنه.
اعتبرنا دليل الشرع لان دليل العقل اذا دل على زوال مثل الحكم الثابت بالنص الاول لايسمى نسخا. ألا ترى أن المكلف للعبادات، اذا عجز اوزال عقله، زالت عنه العبادة بحكم العقل، ولايسمى ذلك الدليل ناسخا؟ واعتبرنا زوال مثل الحكم، ولم نعتبر الحكم نفسه لانه لايجوز أن ينسخ نفس ما أمر به، لان ذلك يؤدي إلى البداء.
وانما اعتبرنا أن يكون الحكم ثابتا بنص شرعي، لان ما ثبت بالعقل اذا أزاله الشرع لا يسمى بأنه نسخ حكم العقل. ألا ترى أن الصلاة والطواف لولا الشرع لكان قبيحا فعله في العقل واذ اورد الشرع بهما لا يقال نسخ حكم العقل؟ واعتبرنا مع تراخيه عنه لان ما يقترن به لا يسمى نسخا وربما يكون تخصيصا ان كان اللفظ عاما او مقيدا ان كان اللفظ خاصا ألا ترى أنه لو قال: اقتلوا المشركين الا اليهود لم يكن قوله إلا اليهود نسخا لقوله اقتلوا المشركين؟ وكذا لو قال: فسيحوا في الارض اربعة اشهر فقيد بهذه الغاية لا يقال لما بعدها نسخ.
وكذا لما قال قي آية الزنا: فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة(1) لا يقال لما زاد عليه منسوخ لانه مقيد في اللفظ والنسخ يصح دخوله في الامر والنهي بلا خلاف. والخبر ان تناول ما يصح تغييره عن صفة جاز دخول النسخ فيه لانه في معنى الامر.
ألا ترى أن قوله: (ولله على الناس حج البيت)(2) خبر؟ وقوله (والمطلقات يتربصن بانفسهن)(3) أيضا خبر؟ وكذلك قوله: (ومن دخله كان آمنا)(4) بر ومع ذلك يصح دخول النسخ فيه فاما ما لا يصح تغييره عن صفة فلا يصح دخول النسخ فيه، نحو الاخبار عن صفات الله تعالى، وصفات الاجناس
---
(1) سورة النور آية 2.
(2) سورة آل عمران آية 97.
(3) سورة البقرة آية 228.
(4) سورة آل عمران آية 97.
পৃষ্ঠা ১২
تفسير التبيان ج1
- لما يصح عليه التغيير، لم يصح فيه النسخ حيث أن العبارة بالاخبار عنه بأبه قادر، عالم، سميع بصير، لا يصح النسخ فيه، لانه يمتنع دخول النسخ في الاخبار - ان كان الخبر لا يصح تغييره في نفسه ولا يخلو النسخ في القرآن من أقسام ثلاثه: احدها - نسخ حكمه دون لفظه - كآية العدة في المتوفى عنها زوجها المتضمنة للسنة(1) فان الحكم منسوخ والتلاوة باقية وكآية النجوى(2) وآية وجوب ثبات الواحد للعشرة(3) فان الحكم مرتفع، والتلاوة باقية وهذا يبطل قول من منع جواز النسخ في القرآن لان الموجود بخلافه والثاني - ما نسخ لفظه دون حكمة، كآية الرجم فان وجوب الرجم على المحصنة لاخلاف فيه، والآية التي كانت متضمنة له منسوخة بلاخلاف وهي قوله: (والشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البته، فانهما قضيا الشهوة جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم) الثالث - ما نسخ لفظه وحكمه، وذلك نحو ما رواه المخالفون من عائشة: أنه كان فيما أنزل الله ان عشر رضعات تحرمن، ونسخ ذلك بخمس عشرة فنسخت التلاوة والحكم وأما الكلام في شرائط النسخ، فما يصح منها وما لا يصح وما يصح أن ينسخ به القرآن، وما لا يصح أن ينسخ به وقد ذكرنا في كتاب العدة - في اصول الفقه - ولا يليق ذلك بهذا المكان وحكى البلخي في كتاب التفسير فقال: (قال قوم - ليسوا ممن يعتبرون ولكنهم من الامة على حال - ان الائمة المنصوص عليهم - بزعمهم - مفوض اليهم نسخ القرآن وتدبيره، وتجاوز بعضهم حتى خرج من الدين بقوله: ان النسخ قد
---
(1) سورة البقرة آية 240.
(2) سورة المجادلة آية 12.
(3) سورة الانفال آية 65.
পৃষ্ঠা ১৩
تفسير التبيان ج1
يجوز على وجه البداء وهو أن يأمر الله عزوجل عندهم بالشئ ولا يبدوله، ثم يبدوله فيغيره، ولا يريد في وقت أمره به أن يغيره هو ويبدله وينسخه، لانه عندهم لا يعلم الشئ حتى يكون، إلا ما يقدره فيعلمه علم تقدير، وتعجرفوا فزعموا ان ما نزل بالمدينه ناسخ لما نزل بمكة) وأظن انه عنى بهذا اصحابنا الامامية، لانه ليس في الامة من يقول بالنص على الائمة عليهم السلام سواهم فان كان عناهم فجميع ما حكاه عنهم باطل وكذب عليهم، لانهم لا يجيزون النسخ على أحد من الائمة (ع) ولا احد منهم يقول بحدوث العلم وانما يحكى عن بعض من تقدم من شيوخ المعتزلة - كالنظام والجاحظ وغيرهما - وذلك باطل وكذلك لا يقولون: ان المتأخر ينسخ المتقدم إلا بالشرط الذي يقوله جميع من اجاز النسخ، وهو ان يكون بينهما تضاد وتناف لايمكن الجمع بينهما، واما على خلاف ذلك فلا يقوله محصل منهم.
والوجه في تكرير القصة بعد القصة في القرآن، أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يبعث إلى القبائل المتفرقة بالسور المختلفة فلو لم تكن الانباء والقصص مكررة، لوقعت قصة موسى إلى قوم وقصة عيسى إلى قوم، وقصة نوح إلى قوم آخرين، فاراد الله بلطفه ورحمته أن يشهر هذه القصص في أطراف الارض ويلقيها في كل سمع، ويثبتها في كل قلب، ويزيد الحاضرين في الافهام وتكرار الكلام من جنس واحد، وبعضه يجري على بعض، كتكراره في: قل يا ايها الكافرون، وسورة المرسلات، والرحمن فالوجه فيه، ان القرآن نزل بلسان القوم، ومذهبهم في التكرار - ارادة للتوكيد وزيادة في الافهام - معروف كما ان من مذهبهم الايجاز والاختصار ارادة للتخفيف وذلك أن افتنان المتكلم والخطيب في الفنون، وخروجه من شئ إلى شئ، أحسن من اقتصاره من المقام على فن واحد.
وقد يقول القائل: والله لافعله ثم والله لافعله، اذا أراد التوكيد كما يقول: افعله بحذف اللام اذا أراد الايجاز قال الله تعالى: " كلا سوف تعلمون تفسير التبيان ج1
পৃষ্ঠা ১৪
ثم كلا سوف تعلمون "(1) وقال: " فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا "(2) وقال الله تعالى: " اولى لك فأولى ثم اولى لك فأولى "(3) وقال: " ماأدراك ما يوم الدين، ثم ما ادراك ما يوم الدين "(4) كل هذا يراد به التوكيد وقد يقول القائل لغيره: اعجل اعجل وللرامي ارم ارم قال الشاعر:
كم نعمة كانت لكم
كم كم وكم
وقال آخر:
هلا سألت جموع كن_
دة يوم ولوا اين اينا
وقال عوف بن الخزرج:
وكادت فزارة تصلى بنا
فاولى فزار فأولى فزار
فاما تكرار معنى واحد بلفظين مختلفين، كقوله: " الرحمن الرحيم " وقوله: " يسمع سرهم ونجواهم " والنجوى هو السر، فالوجه فيه ما ذكرنا من ان عادة القوم، تكرير المعنى بلفظين مختلفين، اتساعا في اللغة، كقول الشاعر. كذبا ومينا وهما بمعنى واحد وقول الآخر:
لمياء في شفتيها حوة لعس
وفي اللثات وفي أنيابها شنب
واللمى: سواد في الشفتين والحوة واللعس كلاهما سواد الشفتين وكرر لاختلاف اللفظ والشنب: تحزز في الانياب كالمنشار، وهو نعت لها ورحمن ورحيم، سنبين القول فيهما فيما بعد وقوله: " وغشاها ما غشى "(5) وقوله: فغشيهم من اليم ما غشيهم "(6) وقوله: " ولا طائر يطير بجناحيه "(7) على
---
(1) سورة التكاثر آية 3 و4.
(2) سورة الانشراح آية 5 و6.
(3) سورة القيامة آية 34 و35.
(4) سورة الانفطار آية 17 و18.
(5) سورة النجم آية 54.
(6) سورة طه آية 78.
(7) سورة الانعام آية 38.
পৃষ্ঠা ১৫
تفسير التبيان ج1
ما قلناه من التوكيد، كما يقول القائل: كلمته بلساني، ونظرت اليه بعيني، ويقال بين زيد وبين عمرو، وانما البين واحد. والمراد بين زيد وعمرو وقال الشاعر أوس بن الحجر:
ألم تكسف الشمس شمس النها
ر مع النجم والقمر الواجب(1)
والشمس لا تكون إلا بالنهار، فأكد ذكرنا هذه الجملة تنبيها عن الجواب عما لم نذكره، ولعلنا نستوفيه فيما بعد اذا جرى ما يقتضي ذكره ولولا عناد الملحدين، وتعجرفهم، لما احتيج إلى الاحتجاج بالشعر وغيره للشئ المشتبه في القرآن، لان غاية ذلك أن يستشهد عليه ببيت شعر جاهلي، او لفظ منقول عن بعض الاعراب، أو مثل سائر عن بعض أهل البادية.
ولا تكون منزلة النبي صلى الله عليه وآله - وحاشاه من ذلك - أقل من منزلة واحد من هؤلاء.
ولاينقص عن رتبة النابغة الجعدي، وزهير بن الكعب وغيرهم ومن طرائف الامور ان المخالف اذا اورد عليه شعر من ذكرناه، ومن هو دونهم سكنت نفسه، واطمأن قلبه وهو لايرضى بقول محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب ومهما شك الناس في نبوته، فلا مربة في نسبه، وفصاحته، فانه نشأ بين قومه الذين هم الغاية القصوى في الفصاحة، ويرجع اليهم في معرفة اللغة. ولو كان المشركون من قريش وغيرهم وجدوا متعلقا عليه في اللحن والغلط والمناقضة، لتعلقوا به، وجعلوه حجة وذريعة إلى اطفاء نوره وابطال امره، واستغنوا بذلك عن تكلف ما تكلفوه من المشاق في بذل النفوس والاموال.
ولو فعلوا ذلك لظهر واشتهر، ولكن حب الالحاد والاستثقال لتحمل العبادات، والميل إلى الفواحش اعماهم وأصمهم، فلا يدفع أحد من الملحدين - وان جحدوا نبوته صلى الله عليه وآله - انه اتى بهذا القرآن، وجعله حجة لنفسه، وقرأه على العرب وقد علمنا انه ليس بأدون الجماعة في الفصاحة وكيف يجوزان يحتج بشعر الشعراء عليه، ولا يجوز أن يحتج بقوله عليهم وهل هذا إلا عناد محض، وعصبية صرف؟ وانما يحتج علماء
---
(1) الواجب: الغائب.
পৃষ্ঠা ১৬
تفسير التبيان ج1
الموحدين بشعر الشعراء وكلام البلغاء، اتساعا في العلم، وقطعا للشغب، وازاحة للعلة، وإلا فكان يجب ألا يلتفت إلى جميع ما يطعن عليه، لانهم ليسوا بان يجعلوا عيارا عليه باولى من ان يجعل هو عليه السلام عيارا عليهم.
وروي عن ابن مسعود، انه قال: " كان الرجل منا اذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن " وروي انه استعمل علي (ع) عبدالله بن العباس على الحج فخطب خطبة لو سمعها الترك والروم لاسلموا ثم قرأ عليهم سورة النور - وروي سورة البقرة - ففسرها فقال رجل: " لو سمعت هذا الديلم لاسلمت " ويروى عن سعيد بن الجبير، انه من قرأ القرآن ثم لم يفسره كان كالاعجمي أو الاعرابي
فصل في ذكر اسامي القرآن، وتسمية السور والآيات
سمى الله تعالى القرآن باربعة اسماء: سماه قرآنا في قوله تعالى: " انا جعلناه قرآنا عربيا "(1) وفي قوله: " شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن "(2) وغير ذلك من الاي وسماه فرقانا في قوله تعالى: تبارك الذي انزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا."(3) وسماه الكتاب في قوله: " الحمدلله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما "(4)
---
(1) سورة الزخرف آية 3.
(2) سورة البقرة آية 185.
(3) سورة الفرقان آية 1.
(4) سورة الكهف آية 1.
পৃষ্ঠা ১৭
تفسير التبيان ج1
وسماه الذكر في قوله: " انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون "(1) وتسميته بالقرآن تحتمل أمرين: احدهما - ما روي عن ابن عباس، انه قال: (هو مصدر قرأت قرآنا) أي تلوته، مثل: غفرت غفرانا، وكفرت كفرانا والثاني - ماحكي عن قتاده، انه قال " هو مصدر قرأت الشئ اذا جمعت بعضه إلى بعض "
قال عمرو بن كلثوم:
ذراعي عيطل(2) ادماء(3) بكر
هجان(4) اللون لم تقرأ جنينا
اي لم تضم جنينها في رحمها.
وقال قطرب في معناه قولان احدهما هذا وعليه اكثر المفسرين وقال قولا آخر معناه لفظت به مجموعا وقال معنى البيت أيضا أي لم تلقه مجموعا وتفسير ابن عباس أولى، لان قوله تعالى (ان علينا جمعه وقرآنه، فاذا قرأناه فاتبع قرآنه)(5) والوجه المختار ان يكون المراد واذ تلوناه عليك، وبيناه لك، فاتبع تلاوته ولو حملناه على الجمع - على ما قال قتاده - لكان يجب ألا يلزم اتباع آية آية من القرآن النازله في كل وقت، وكان يقف وجوب الاتباع على حين الجمع، لانه علقه بذلك على هذا القول، لانه قال: " فاذا قرأناه فاتبع قرآنه " يعني جمعناه على ما قالوه فاتبع قرآنه، وكان يقف وجوب الاتباع على تكامل الجميع، وذلك خلاف الاجماع فالاول أولى فان قيل: (كيف يسمي القراءة قرآنا، وانما هو مقروء؟) قلنا: (سمي بذلك كما يسمى المكتوب كتابا، بمعنى: كتاب الكاتب) قال الشاعر في صفة طلاق كتبه لامرأته:
تؤمل رجعة مني وفيها
كتاب مثل ما لصق الغراء
يعني طلافا مكتوبا
---
(1) سورة يوسف آية 12 و63 وسورة الحجر آية 10.
(2) عطيل: طويلة العنق.
(3) ناقة ادماء: بيضاء.
(3) بيضاء اللون.
(5) سورة القيامة آية 17 - 18.
পৃষ্ঠা ১৮
تفسير التبيان ج1
وتسميته بانه فرقان، لانه يفرق بين الحق والباطل. والفرقان هو الفرق بين الشيئين. وانما يقع الفرق بين الحق والباطل بادلته الدالة على صحة الحق ، وبطلان الباطل.
وتسميته بالكتاب لانه مصدر من قولك، كتبت كتابا، كما تقول قمت قياما.
وسمي كتابا وانما هو مكتوب، كما قال الشاعر في البيت المتقدم. والكتابة مأخوذة من الجمع في قولهم: كتبت السقاء اذا جمعته بالخرز قال الشاعر:
لا تأمنن فزاريا خلوت به
على قلوصك فاكتبها باسيار(1)
والكتبة، الخرزة.
وكلما ضممت بعضه إلى بعض على وجه التقارب فقد كتبته والكتيب(2) من الجيش، من هذا لانضمام بعضها إلى بعض وتسميته بالذكر، ويحتمل أمرين: احدهما - انه ذكر من الله تعالى ذكر به عباده، فعرفهم فيه فرائضه، وحدوده. والآخر - انه ذكر وشرف لمن آمن به وصدق بما فيه. كقوله (وانه لذكر لك ولقومك)(3).
وأما السورة - بغير همز - فهي منزلته من منازل الارتفاع، ومن ذلك سور المدينة سمي بذلك - الحائط الذي يحويها لارتفاعه عما يحويه غيران سور المدينة لم يجمع سورا، وسورة القرآن تجمع سورا. وهذه أليق بتسميته سور القرآن سورة.
قال النابغة
ألم تر ان الله اعطاك سورة
يرى كل ملك دونها يتذبذب
يعني منزلة من منازل الشرف التي قصرت عنها الملوك.
واما من همز السورة من القرآن، فانه أراد به القطعة التي انفصلت من القرآن وأبقيت وسؤر كل شئ بقيته. يقال اسأرت في الاناء أي ابقيت فيه قال الاعشى بن ثعلبة، يصف امرأة
فبانت وقد أسأرت في الفؤا
د صدعا على نأيها مستطارا
---
(1) اسيارج سير: الجلد.
(2) والكتيبة.
(3) سورة الزخرف آية 44.
পৃষ্ঠা ১৯