- قال الحافظ أبو الفضل بن حجر في (( مقدمة شرح البخاري)):(5) أعلم علمني الله وإياك أن آثار النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن في عصر أصحابه وكبار تابعيهم مدونة في الجوامع, ولا مرتبة لأمرين: أحدهما إنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك كما ثبت في صحيح مسلم خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم, وثانيهما لسعة حفظهم وسيلان أذهانهم ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة, ثم حدث في [ أواخر ] عصر التابعين تدوين الآثار وتبويب الأخبار لما انتشر العلماء في الأمصار وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الأقدار, فأول من جمع ذلك الربيع بن صبيح,وسعيد بن أبي عروبة وغيرهما, وكانوا يصنفون كل باب على حدة إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة فدونوا الأحكام, فصنف الإمام مالك ((الموطأ)) وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز, ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ومن بعدهم, وصنف [ أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز ] بن جريج بمكة, و[ أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو ] الأوزاعي بالشام, و[ أبو عبد الله ] سفيان [ بن سعيد ] الثوري بالكوفة, و[ أبو سلمة ] حماد بن سلمة بن دينار بالبصرة, ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث النبي صلى الله عليه وسلم خاصة, وذلك على رأس المائتين فصنفوا المسانيد .
পৃষ্ঠা ৬৭