والمؤمن المتقي يعوضه الله في الدنيا خيرا مما يطلبه الساحر ويؤثره مع تعجيله عز التقوى وشرفها، وثواب الآخرة وعلو درجاتها؛ فتبين بهذا أن إيثار المعصية على الطاعة إنما يحمل عليه الجهل؛ ولذلك كان كل من عصى الله جاهلا، وكل من أطاعه عالما، وكفى بخشية الله علما، وبالاغترار به جهلا+(185).
22_ من أخفى خبيئة ألبسه الله ثوبها: وهذه مسألة عظيمة؛ فمن أخفى خبيئة ألبسه الله ثوبها، ومن أضمر شيئا أظهره الله عليه، سواء كان ذلك خيرا أو شرا؛ فالجزاء من جنس العمل، و[من يعمل سوءا يجز به] النساء: 123.
قال أبو حازم×: =لا يحسن عبد فيما بينه وبين الله_تعالى_إلا أحسن الله فيما بينه وبين العباد، ولا يعور(186) فيما بينه وبين الله_تعالى_إلا عور الله فيما بينه وبين العباد، ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها؛ إنك إذا صانعت الله مالت الوجوه كلها إليك، وإذا أفسدت ما بينك وبينه شنأتك(187) الوجوه كلها+(188).
وقال المعتمر بن سليمان×: =إن الرجل يصيب الذنب في السر، فيصبح وعليه مذلته+(189).
قال ابن الجوزي×: =نظرت في الأدلة على الحق_سبحانه وتعالى_فوجدتها أكثر من الرمل، ورأيت من أعجبها: أن الإنسان قد يخفي ما لا يرضاه الله_عز وجل_فيظهره الله_سبحانه_عليه ولو بعد حين، وينطق الألسنة به، وإن لم يشاهده الناس.
وربما أوقع صاحبه في آفة يفضحه بها بين الخلق؛ فيكون جوابا لكل ما أخفى من الذنوب، وذلك؛ ليعلم الناس أن هنالك من يجازى على الزلل، ولا ينفع من قدره وقدرته حجاب ولا استتار، ولا يضاع لديه عمل.
وكذلك يخفي الإنسان الطاعة، فتظهر عليه، ويتحدث الناس بها، وبأكثر منها، حتى إنهم لا يعرفون له ذنبا، ولا يذكرونه إلا بالمحاسن؛ ليعلم أن هنالك ربا لا يضيع عمل عامل.
পৃষ্ঠা ৭০