أحدهما: أن من كان عالما بالله_تعالى_وعظمته وكبريائه وجلاله فإنه يهابه، ويخشاه؛ فلا يقع منه_مع استحضار ذلك_عصيانه كما قال بعضهم: لو تفكر الناس في عظمة الله_تعالى_ما عصوه.
وقال آخر: كفى بخشية الله علما، وكفى بالاغترار به جهلا.
والثاني: أن من آثر المعصية على الطاعة فإنما حمله على ذلك جهله، وظنه أنها تنفعه عاجلا باستعجال لذتها، وإن كان عنده إيمان؛ فهو يرجو التخلص من سوء عاقبتها، والتوبة في آخر عمره.
وهذا جهل محض؛ فإنه تعجل الإثم والخزي، ويفوته عز التقوى، وثوابها، ولذة الطاعة.
وقد يتمكن من التوبة بعد ذلك، وقد يعاجله الموت بغتة، فهو كجائع أكل طعاما مسموما لدفع جوعه الحاضر، ورجا أن يتخلص من ضرره بشرب الدرياق(184) بعده، وهذا لا يفعله إلا جاهل.
وقد قال_تعالى_في حق الذين يؤثرون السحر: [ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون] البقرة: 102_103.
والمراد أنهم آثروا السحر على التقوى والإيمان؛ لما رجوا فيه من منافع الدنيا المعجلة مع علمهم أنهم يفوتهم بذلك ثواب الآخرة.
وهذا جهل منهم؛ فإنهم لو علموا لآثروا الإيمان والتقوى على ما عداهما، فكانوا يحرزون أجر الآخرة، ويأمنون عقابها، ويتعجلون عز التقوى في الدنيا، وربما وصلوا إلى ما يأملونه أو إلى خير منه وأنفع؛ فإن أكثر ما يطلب بالسحر قضاء حوائج محرمة أو مكروهة عند الله_عز وجل_.
পৃষ্ঠা ৬৯