وقال: =ونكتة المسألة أن التوبة حسنة، ومعاودة الذنب سيئة؛ فلا تبطل معاودته هذه الحسنة كما لا تبطل ما قارنها من الحسنات+(133).
وعلى هذا فلا يجوز للعبد إذا تاب ثم ابتلي بالذنب أن يدع التوبة، ويستمر على ذنوبه، بحجة أنه نقض توبته.
بل عليه أن يتوب وأن يرجع إلى ربه؛ فمعاودة الذنب مبغوض لله من جهة معاودة الذنب، محبوب من جهة التوبة والحسنات السابقة(134).
8_ رجوع الحسنات إلى التائب بعد التوبة: فإذا كان للعبد حسنات ثم عمل بعدها سيئات استغرقت حسناته القديمة وأبطلتها، ثم تاب بعد ذلك توبة نصوحا_عادت إليه حسناته القديمة، ولم يكن حكمه حكم المستأنف لها.
بل يقال له: تبت على ما أسلفت من خير؛ فالحسنات التي فعلتها في الإسلام أعظم من الحسنات التي يفعلها الكافر في كفره: من عتاق، وصدقة، وصلة(135).
قال حكيم بن حزام÷: =قلت: يا رسول الله، أرأيت أشياء كنت أتحنث(136) بها في الجاهلية: من صدقة، أو عتاقة، أو صلة رحم؛ فهل فيها من أجر؟
فقال النبي": =أسلمت على ما أسلفت من خير+(137).
قال ابن حجر×في شرح هذا الحديث: =لا مانع من أن يضيف الله إلى حسناته في الإسلام ثواب ما كان صدر منه في الكفر؛ تفضلا، وإحسانا+(138).
وقال ابن القيم×مبينا العلة في ذلك: =وذلك لأن الإساءة المتخللة بين الطاعتين قد ارتفعت بالتوبة، وصارت كأنها لم تكن؛ فتلاقت الطاعتان، واجتمعتا، والله أعلم+(139).
9_ هل التوبة ترجع العبد إلى حاله قبل معصيته؟ : فإذا كان للعبد حال أو مقام مع الله، ثم نزل عنه لذنب ارتكبه ثم تاب منه؛ فهل يعود بعد التوبة إلى مثل ما كان أو لا يعود؟ أو يعود إلى أنقص من رتبته؟ أو يعود خيرا مما كان؟ والجواب أن هذه المسألة قد اختلف فيها السلف على أقوال شتى، ومن أحسن من أجاب على تلك المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية×فلقد فصل الخطاب في هذه المسألة بكلام كاف شاف.
পৃষ্ঠা ৫৮