ز_ومما يرد به على ذلك المحتج_بناء على مذهبه_أن يقال له: لا تتزوج؛ فإن كان الله قد قضى لك بولد فسيأتيك وإلا فلن، ولا تأكل، ولا تشرب؛ فإن قدر الله لك شبعا وريا فسيكون، وإلا فلن، وإن هاجمك سبع ضار فلا تفر منه؛ فإن كان الله قد قدر لك النجاة فستنجو، وإن لم يقدرها لك فلن ينفعك الفرار، وإذا مرضت فلا تتداو؛ فإن قدر الله لك الشفاء شفيت وإلا فلن ينفعك الدواء.
فهل سيوافقنا على هذا القول أولا؟ إن وافقنا علمنا فساد عقله، وإن خالفنا علمنا فساد قوله، وبطلان حجته.
ومما تجدر الإشارة إليه أن احتجاج كثير من هؤلاء ليس ناتجا عن قناعة وإيمان، وإنما هو ناتج عن نوع هوى ومعاندة؛ فذلك الاحتجاج باطل في الشرع، والعقل، والقدر(89).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن المحتجين بالقدر: =هؤلاء القوم إذا أصروا على هذا الاعتقاد كانوا أكفر من اليهود والنصارى+(90).
وبالجملة فالاحتجاج بالقدر إنما يسوغ عند المصائب لا المعائب؛ =فالسعيد يستغفر من المعائب، ويصبر على المصائب، كما قال_تعالى_: [فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك] غافر: 55.
والشقي يجزع عند المصائب، ويحتج بالقدر على المعائب+(91).
قال ابن أبي العز الحنفي×: =فما قدر من المصائب يجب الاستسلام له؛ فإنه من تمام الرضا بالله ربا، وأما الذنوب فليس لأحد أن يذنب، وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب؛ فيتوب من المعائب، ويصبر على المصائب+(92).
وممن يسوغ له الاحتجاج بالقدر التائب من الذنب؛ فلو لامه أحد على ذنب تاب منه ثم قال التائب: هذا بقضاء الله وقدره، وأنا تبت واستغفرت لقبل منه ذلك الاحتجاج(93).
12_ توبة الكذابين: الذين يهجرون الذنوب هجرا مؤقتا يتحينون فيه الفرص لمعاودة الذنب؛ حيث يتركون الذنوب التي كانوا يرتكبونها إما لمرض، أو عارض، أو خوف، أو رجاء جاه، أو خوف سقوطه، أو عدم تمكن؛ فإذا واتتهم الفرصة رجعوا إلى ذنوبهم.
পৃষ্ঠা ৩২