لم يزل الإمام الناصر عليه السلام ناهجا منهج سيد المرسلين، قائما بأمور الدين، منابذا للظالمين، شاحكا(1) للملحدين، ناظما لأمورالمسلمين، عازما إلى عدن، وزبيد، وتعز، وسائر مدن اليمن، وأخرب مدينة الجند، ونفذت أوامره في جميع تهامة، وجعل فيها من يقبض الواجبات، وملك مدنها ما خلا زبيد فمنعها الدائر، ثم ملك صنعاء، ودانت له جميع البلاد ودخل في طاعته العباد، وقمع يافوخ أهل الفساد، ولم يعارضه معارض في وقته، بل اعترف الموالف والمخالف بفضله، وأجمعت(2) الأمة على إمامته، ودخل الكل في جمعته وجماعته.
قال السيد الهادي بن إبراهيم في (كاشفة الغمة) في صفاته -عليه السلام-:
أما علمه عليه السلام فبلغ فوق درجة الاجتهاد، وجاوز فيه الغايات، ونهايات النهايات، وبرز في العلوم كلها: تفسيرها، وحديثها، ونحوها، ولغتها، ومعانيها، وبيانها، ومنطقها، وأصولها، وفروعها، ومعقولها، ومسموعها، وكتب الزهد، والتواريخ، والسير، والفلك، والهندسة، والنجوم، والإحاطة الكلية بالدولة الأموية، والعباسية، وما وقع منهم، وإليهم، وكلام الفصحاء، وملح الأدباء، وبراعة(3) البلغاء، وأقاويل الشعراء.
(وأما فضله فكان -عليه السلام- في أعلى الدرجات، من المحافظة على وظائف العبادات)(4)، غير الواجبات، من الصيام في الأيام المختارات، والشهور الفاضلات، والزيادة من الصلوات وأنواع القربات، والوقوف عند الشبهات، والتجنب للمكروهات، يقوم للصلاة والتهجد بالقرآن على أدنى من ثلثي الليل أو نصفه أو ثلثه، كما وصف الله سبحانه [به](5) جده عليه السلام.
পৃষ্ঠা ৫৯