ثم نهض القاضي العلامة فخر الدين عبدالله بن الحسن الدواري من صعدة في المحرم سنة ثلاث وسبعين وسبع مائة، فوصل إلى ذمار، ومعه جماعة من السادة الأطهار، والشيعة الأخيار، فتلقاهم ولد الإمام، وآثرهم على الإعزاز والإكرام، وأجمع رأي القاضي ومن معه أنه لا يصلح لهذا الأمر إلا ولد الإمام، ولما ذكر له القاضي هذا الأمر تباعد(1)، وأمرهم بطلب من يصلح له غيره، فلم يساعدوه، وحصلت بينه وبينهم مراجعات حتى ألزموه الحجة وأوجبوا عليه القيام بأمر الأمة؛ فلما لم يجد لنفسه عذرا [كتب](2) إلى بقية العلماء بصعدة وغيرها فوعدهم بالاتفاق إلى ظفار، رغبة في اجتماع المسلمين على الأحق المختار، فنهض -عليه السلام- من ذمار إلى ظفار، ووصل إليه من كتب إليهم من العلماء الأخيار، وكلهم معترف بأنه أولى الناس بهذا الأمر من آل محمد الأطهار، ودعا -عليه السلام- وكنيته الناصر لدين الله محمد بن علي -عليه السلام-. واشتهر اسمه بصلاح(3).
وكانت البيعة له يوم السبت في شهر صفر، سنة ثلاث وسبعين وسبع [مائة]، وكان أول من رقى المنبر السيد الواثق بالله المطهر بن محمد -عليه السلام-، ثم العلماء على مراتبهم بايعوه وكانت بيعته(4) حافلة اجتمع فيها من أهل العلم ممن(5) يزيدون على ألف عالم دون سائر الناس ، ثم وقف عليه السلام في ظفار أياما ورجع إلى ذمار، ولم يزل والده عليه السلام في ذلك الألم إلى آخر يوم من جمادى الآخرة، سنة أربع وسبعين، وتوفي رحمه الله تعالى من ذلك الألم، وقد كان أوصى إلى ولده الناصر -عليه السلام- بأن(6) يدفنه بمشهد جده الهادي -عليه السلام- بصعدة، فأنفذ وصيته -عليه السلام- وحمل إلى صعدة، وقبره بها(7) مشهور، ورثي -عليه السلام- بالأشعار الكثيرة.
পৃষ্ঠা ৫৮