পতনের যুগ: আরব জাতির ইতিহাস (সপ্তম খণ্ড)
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
জনগুলি
إلغاء مبلغ المائتي ألف دينار التي يتعهد الملك لويس بدفعها بعد فكاك أسره كل سنة. (5)
أن تعاد إليه مدينة القدس. (6)
اتفاق الجيشين الصليبي والمملوكي ضد الملك الناصر.
ولما وصل رسوله بكتابه إلى القاهرة وجد المماليك فيها أن لا مندوحة لهم من قبول هذه البنود وعقد هذا العقد فقبلوه، ويظهر أن أمر هذه المراسلة بين المماليك وبين لويس قد علم بها الناصر؛ فبعث بجيش كبير حال دون التقاء الجيش الصليبي بالجيش المملوكي، ثم توجه لقتال المماليك، فالتقى بهم في غزة، ثم في بلبيس، وكادت الدائرة تدور على المماليك، ولكنهم ظفروا أخيرا على الملك الناصر وأصحابه، واضطر أن يخضع لهم، وأن يعود إلى بلاد الشام، وألا يتعدى حدود الأردن، وصفا الملك بعدئذ لمعز الدين أيبك، فخلع الملك الأشرف موسى، واستأثر بالملك دون سائر المماليك، وأخذت نفسه تتعاظم وتستعلي حتى على شجرة الدر، فلم تطق احتمال ذلك، وأمرت بعض جواريها ومماليكها فقتلوه وهو في الحمام، وبلغ خبر اغتياله إلى أصدقائه وزملائه من المماليك، فاحتالوا على شجرة الدر وعملوا على قتلها وتولية الأمير علي بن معز الدين أيبك ولما يبلغ الخامسة عشرة في سنة 655ه/1257م وسموا الأمير قطز «أتابكا» عليه ونائبا للسلطنة، وكان قطز داهية؛ فساس البلاد خير سياسة، وفي عهده كان الهجوم التتري على بغداد، ولما بلغت مصر أخبار التتار وأعمال هولاكو وما فعله بالخليفة وبالعاصمة الإسلامية، وما يبيته لمصر والشام رأى الأمراء المماليك وجوب تمليك رجل قوي على العرش؛ فاختاروا قطزا، والتفوا من حوله.
تولى الملك المظفر سيف الدين قطز عرش مصر والشام؛ فعمل على توطيد أركان الأمن في البلاد، والقضاء على الفوضى ومسببيها، ورأى أن العدو الأول الذي يجب القضاء عليه هو أولئك الشذاذ من الصليبيين الأوروبيين الذين أزعجوا البلاد، وتبين له أن أول ما يجب عمله هو أن يردم مصب النيل من جهة دمياط؛ ليعيق مراكبهم من العبور في مياهه التي كانوا يحتلون الشواطئ المصرية عن طريقها، ثم إنه أتم تخريب أسوار المدينة التي كان المماليك قد هدموها في أيام الملك أيبك سنة 648ه خوفا من مسير الإفرنج إليها، ومحيت بروج المدينة وأسوارها وما فيها، ولم يبق منها إلا جامع يعرف بجامع الفتح وبعض غرف للفقراء، ثم انصرف إلى تحصين القاهرة، وترتيب أمورها، والعناية بحالة البلاد عامة، وبينا هو منشغل بهذا العمل جاءه رسول هولاكو بكتاب ينذره فيه بزحفه، ويحذر الذين يخالفون أمره أن يصيبهم ما أصاب أهل بغداد، ومما قال فيه: ... ويا أهل مصر أنتم قوم ضعاف، فصونوا أنفسكم ودماءكم مني، ولا تقاتلوني فتندموا.
ولما قرأ قطز كتاب هولاكو غضب بشدة، وقتل رسول هولاكو، ورد عليه بكتاب يتوعده فيه، فلما بلغ الرسول إلى سورية رأى أن هولاكو قد رحل عنها إلى بلاده، وسلم أمر الجيش إلى قائده كتبغا، ولم يلبث قطز أن جمع زعماء المماليك ورجالات البلاد، وخطب فيهم مبينا لهم سوء معاملة المغول وقسوتهم، ومعددا لهم سوء أحوالهم وأعمالهم الوحشية التي ارتكبوها في دار الخلافة وعواصم الشام، وذكر لهم أن الخطر محدق بهم إذا ما تهاونوا في قتال عدوهم، فعاهدوه على الاستماتة في سبيل البلاد والذود عن حياضها، ثم أخذ ينظم جيشه، ويعد عدته، وسار نحو فلسطين حيث التقى الجيشان في عين جالوت، ودارت الدائرة على المغول، وقتل قائدهم كتبغا، وأسر ابنه، وتفرق جنده، وغنم المصريون غنائم عظيمة، وعاد الجيش المصري وعلى رأسه الملك قطز إلى مصر وهو مرفوع الرأس، ولكن لم يتم له الفرح؛ فقد تآمر عليه بعض مماليكه وقتلوه وهو في الطريق، ولم يدم حكمه إلا نحوا من سنة، وولوا مكانه المملوك بيبرس البندقداري 658-676ه/1260-1272م وكان رجلا حازما بطلا سار بالناس خير سيرة؛ ففرحوا به، وأول عمل قام به هو أنه اتخذ الأمير الصالح بلباي الخارتدار نائبا للسلطنة؛ لما يعرفه عنه من الإقدام والإخلاص والدهاء، وسلمه إدارة شئون البلاد، فأطلق من كان في السجون من المماليك، ووزع عليهم الأموال والهدايا، وأحسن إليهم فأحبوه، ودعاهم إلى الالتفاف حوله للدفاع عن بلادهم من غارات الصليبيين والمغول، ثم التفت إلى العامة فأزال عنهم كثيرا من الضرائب والمكوس الظالمة، وأخذ أموال الزكاة بحسب الفريضة الشرعية، وفتح باب قصره لاستماع شكاوى الناس، وأرسل كتبا ورسلا إلى عمال الولايات والممالك يوصيهم بأن يسيروا بسيرته، ويحذرهم من الظلم، فعم الخير وانتشرت الطمأنينة.
ولما رأى التتار في الديار الشامية هذه السياسة الجديدة التي يتبعها الملك بيبرس خافوا مغبتها، وسعوا إلى إيقاع الفتنة بينه وبين عماله، وتمكنوا من إثارة الأمير سنجر صاحب الديار الشامية ضده، فشق عصا الطاعة ونادى بنفسه سلطانا، وتلقب بالملك المجاهد، فسار إليه بيبرس، ولكن جيوش التتار تلقت بيبرس، فتغلب عليهم وسار نحو سنجر، وعلم بذلك سنجر فاعتصم بدمشق التي قنطت من فوزه، ففتحت أبوابها لبيبرس، ونال المماليك الموالون لسنجر ما يستحقون، ورجع بيبرس إلى مصر وقد انتظمت له أمور الشام ومصر، وهدأت البلاد؛ فعكف على الإصلاح وإشادة المدارس العظيمة والمدارس الضخمة التي ما تزال آثارها ماثلة إلى أيامنا.
وفي السنة الثانية لولايته 659ه فكر في إعادة الخلافة الإسلامية العباسية إلى سابق مكانتها؛ ليقوي عرشه، ويرفع من شأن مصر في العالم الإسلامي، وكان قد علم أن أحدا من بني العباس قد نجا من مذبحة هولاكو، واسمه الإمام أحمد، وهو ابن الخليفة الظاهر ابن الخليفة الناصر ابن الخليفة المستنصر، فكتب إليه يدعوه إلى مصر، وخرج للقائه بنفسه من المطرية في كوكب مهيب، ثم توجها إلى القاهرة معا، ودخلاها من باب النصر، واستقبلا استقبالا لم يسمع بمثله، ولما وصلا القلعة حيتهما أمراؤها ووجوه البلدة، وبعد أيام أراد بيبرس أن يثبت نسب الإمام أحمد، فعقد لذلك مجلسا شرعيا أثبتت فيه صحة نسبه، ثم بايعه بالخلافة، وتلقب بالخليفة المستنصر بالله، ولم يكن لهذا الخليفة أي نفوذ سياسي أو عسكري، وإنما كان سلطانه دينيا ، وهذا ما كان يهدف إليه بيبرس.
ولما استقرت الأمور لبيبرس في مصر والشام، رغب في العراق وجهز جيشا أنفذه مع الخليفة لإخراج التتار من بغداد، وقد بلغت أخبار هذا الجيش إلى العراق، فجمع التتار جموعهم، والتقوا بالجيش المصري ففرقوه وقتلوا الخليفة، فتولى الخلافة من بعده أحد بنيه، وتلقب بالحاكم لأمر الله، وما أن بلغ الصليبيين خبر انكسار الجيش المصري طمعوا في مصر من جديد، وعلم بهذا عيون بيبرس في الشام فكتبوا إليه، فاستعد لهم، وكتب إلى صاحب بلاد القفجاق عدو أبقا خان ملك التتار يطلب إليه أن يحالفه ضدهم، كما كتب إلى القيصر صاحب القسطنطينية يحالفه ضد الصليبيين والبابا خصم القيصر، فقويت أواصر المودة بين القيصر وبيبرس حتى شاد القيصر في القسطنطينية مسجدا للمسلمين في حاضرته، واستحصل من بيبرس على إذن بالسماح لبطريك الطائفة الملكانية في دولته،
1
অজানা পৃষ্ঠা