فليست مجالس الأنس أعمر بشعره من مجالس الدروس والمحافل، وليست ألسنة الخطباء في الوعظ به، أجري من أقلام الكتاب به في الخطب والرسائل، وليست لحون المغنين والقوالين أشغل به من
كتب المؤلفين والمصنفين، حتى لقد اعتنت العلماء بديوان شعره فشرحوه نحو أربعين شرحا، وكفى
له بذلك شرفا ومدحا.
ومع ذلك فلم يخل من مثن عليه وقال وهكذا شيم من ترقى هضب المعالي.
رأي الناس:
والناس فيه وفي أبي تمام على مذهبين: فمنهم من فضل أبا تمام عليه، وجعل شاهد دعواه ما نسب
من الهفوات والسقطات إليه. وقال، حين سئل عنهما، ومن الأفضل منهما -: (أنا لا أسمع عذلا في
حبيب. وقام عنده: أنه في ذلك مصيب. ومنهم من فضله على أبي تمام، وعذل من أحب حبيبا،
وأطال له العذل، وأوسع له الملام، وسدد لتعييب شعره من الطعن نبالا، ومن القدح سهاما.
سبب التأليف:
ولما صار لكل ذام ومادح، وشاكر وقادح، تفرقوا فرقا، فيما يزين أبا الطيب أو يشينه، وأكثروا
الفحص فيما يعزه أو يهينه، وأطالوا التعصب عليه وله، فيما يظهر موجب مدحه أو تنقيصه وألفوا
পৃষ্ঠা ৩