وكان ممن ألقت أليه الفصاحة أزمتها، وسلمته البلاغة أعنتها، وملكته البراعة رسن قيادها، ومكنته الآداب من أفلاذ أكبادها. أمام قبلة القريض، ومصلى حلبته، وفارس ميدانه، وملك أيلته ... من أطاعه
الشعر طاعة تبرأ بها من عقوقه، وجرت معانيه في طباعه جري الدم في عروقه.
جذيله المحكك وعذيقه المرجب، وطراز معطفه المنضد المذهب، أحمد أبو الطيب: المتنبي، السائر
ذكره في الشعر مسير الشمس والقمر، والطائر صيته في البر والحضر، فلقد منح في شعره فصاحة
كسي بها سبحان وائل برد باقل، ورزق فيه حظا نسيت به أشعار الأواخر والأوائل، حتى كان كما
قال: (من الطويل، قافية المتدارك):
ودع كل بعد صوتي فأنني...أنا الصائت المحكي والآخر الصدى
ولقد كانت الأيام تترنم بمعانيه وتتغنى بأناشيده وأغانيه، إلى أن صار كما قال:
وما الدهر إلا من رواة قصائدي...إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
فسار به من لا يسير مشمرا...وغنى به من لا يغنى مغردا
পৃষ্ঠা ২