صلى الله عليه وسلم أنه قال ( 1 ) : ' من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ' . وجاء في بعض الأحاديث : ليس وراء ذلك من الإيمان شيء ، أو كما قال عليه السلام ؛ وجاء في الأثر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ( 2 ) : ' لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، أو ليعمنكم الله بعذاب ' . واعلموا رحمكم الله انه لا عذاب أشد من الفتنة في الدين ، قال الله تعالى : { والفتنة أشد من القتل } ( البقرة : 191 ) ، فأما الغرض الذي لا يسع أحدا فيه تقية ، فأن لا يعين ظالما بيده ولا بلسانه ، ولا أن يزين له فعله ويصوب شره ، وعاديهم بنيته ولسانه عند من يأمنه على نفسه ، فإن اضطر إلى دخول مجلس أحدهم لضرورة حاجة أو لدفع مظلمة عن نفسه أو عن مسلم ، أو لإظهار حق يرجو إظهاره ، أو الانتصاف من ظالم آخر ، كما قال تعالى : { وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون } ( الأنعام : 129 ) أو لصداقة سالفة - فقد يصادق الإنسان المسلم اليهودي والنصراني لمعرفة تقدمت - أو لطلب يعانيه ، أو لبعض ما شاء الله عز وجل ، فلا يزين له شيئا من أمره ولا يعنيه ولا يمدحه على ما لا يجوز ، وإن أمكنه وعظه فليعظه ، وإلا فليقصد إلى ما له قصد غير مصوب له شيئا من معاصيه ، فإن فعل فهو مثله ، قال الله تعالى : { ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار } ( هود : 113 ) وفي هذا كفاية .
7 - وأما ما سألتم عنه من وجه السلامة في المطعم والملبس والمكسب ، فهيهات أيها الإخوة ، إن هذا لمن أصعب ما بحثتم عنه وأوجعه للقلوب وآلمه للنفوس . وجوابكم في هذا ان الطريق ها هنا طريقان : طريق الورع ، فمن سلكه فالأمر - والله - ضيق حرج . وبرهان ذلك أني لا أعلم لا أنا ولا غيري بالأندلس درهما حلالا [ 249 ب ] ولا دينارا طيبا يقطع على انه حلال ، حاشا ما يستخرج من وادي لاردة ( 3 ) من ذهب ، فإن الذي ينزل منه في أيديهم ، يعني أيدي المستخرجين له بعد ما يؤخذ منهم ظلما فهو كماء النهر في الحل والطيب ، حتى إذا ضربت الدراهم وسبكت الدنانير فاعلموا أنها تقع في أيدي الرعية فيما يبتغونه من الناس من الأقوات التي لا تؤخذ إلا منهم ، ولا
পৃষ্ঠা ১৭৪