أستجب لكم } ( غافر : 60 ) ، وأخبرنا تعالى أنه لا يخلف الميعاد ، ولكن ها هنا بينت ما سألتم عنه بيانا شافيا وهو قوله تعالى : { إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } ( فاطر : 10 ) ، فإنما شرط الإجابة العمل الصالح ، أو أن يكون الداعي مظلوما ، على ما جاء في الأثر عن النبي عليه السلام فمن دعا وعمله صالح أو هو مظلوم فقد جاء في الأثر عن النبي عليه السلام : أن دعاء المؤمن لا يخلو من إحدى ثلاث : إما تعجيل إجابة ، وإما كفاية بلاء ، وإما تعويض أجر ، أو كلاما هذا معناه . فاعلموا وفقنا الله وإياكم أن من دفع الله تعالى عنه بلاء ، أو عوضه أجرا فقد أجاب دعاءه ولم يخيبه ، وللإجابة في اللغة معنى غير الإسعاف ، يقال في اللغة : ناديت فلانا فأجابني ، ودعوته فأجابني بمعنى أتاني ، فالإجابة من الله تعالى بمعنى قبول عمل العامل في الدعاء وتعويضه عنه الأجر ودفعه عنه البلاء ، وربما يفضل الله تعالى بإسعافه في أن يكون ما طلب ، إذا كان مما سبق في علم الله تعالى أن يكون .
6 - وأما ما سألتم عنه من أمر هذه الفتنة وملابسة الناس بها مع ما ظهر من تربص بعضهم ببعض ، فهذا أمر امتحنا به ، نسأل الله السلامة ، وهي فتنة سوء أهلكت الأديان إلا من وقى الله تعالى من وجوه كثيرة يطول لها الخطاب . وعمدة ذلك أن كل مدبر مدينة أو حصن في شيء من أندلسنا هذه ، ولها عن آخرها ، محارب لله تعالى ورسوله وساع في الأرض بفساد ؛ للذي ترونه عيانا من شنهم الغارات على أموال المسلمين من الرعية التي تكون في ملك من ضارهم ، وإباحتهم لجندهم قطع الطريق على الجهة التي يقضون ( 1 ) على أهلها ، ضاربون للمكوس والجزية على رقاب المسلمين ، مسلطون لليهود على قوارع طرق المسلمين في أخذ الجزية والضريبة من أهل الإسلام ، معتذرون بضرورة لا تبيح ما حرم الله ، غرضهم فيها استدام نفاذ أمرهم ونهيهم . فلا تغالطوا أنفسكم ولا يغرنكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه [ 249 / أ ] ، اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع ، المزينون لأهل الشر شرهم ، الناصرون لهم على فسقهم . فالمخلص لنا فيها الإمساك للألسنة جملة واحدة إلا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وذم جميعهم ؛ فمن عجز منا عن ذلك رجوت أن تكون التقية تسعه ، وما أدري كيف هذا ، فلو اجتمع كل من ينكر هذا بقلبه لما غلبوا . فقد صح عن النبي
পৃষ্ঠা ১৭৩