~~ذلك الرجاء في عظيم عفوه عز وجل ، وأن النفس لا تساعد على أن تعد شيئا من عذاب الله خفيفا ولو نظرة إلى النار ، أعاذنا الله منها ، فوالله إن أحدنا ليستشنع موقف [ جنا ] يته أو موقف قصاصه بين يدي مخلوق ضعيف ، فكيف بين يدي الخالق الذي ليس كمثله شيء ، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، والذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء فكيف بنار أشد من نارنا بسبعين ضعفا فتأملوا ذلك عافانا الله وإياكم منها في فعل الصواعق في صم الهضاب وشم الجبال ، فإنها تبلغ في التأثير فيها في ساعة ما لا تبلغه نارنا لو وقدناها هنالك عاما مجرما ، فكيف بجلود ضعيفة ونفوس ألمة ، هذا على أن الحسن البصري رضي الله عنه ذكر يوما موقف رجل يخرج من النار بعد ألف سنة فقال ( 1 ) : يا ليتني ذلك الرجل ! وغنما تمنى الحسن هذا خوفا من خاتمة شقاء ، وأن يموت على غير الإسلام فيستحق الخلود في النار في الأبد . فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يدعو الله أن يميته على الإسلام ، وكان الأسود بن يزيد ( 2 ) يقول : ما حسدت أحدا حسدي مؤمنا قد دلي في قره ! وإنما تمنى الأسود ذلك لأنه إذا مات مسلما أمن الكفر . فهذه المرتبة أيها الأخوة مرتبة نعوذ بالله منها ، فقد صح عن النبي عليه السلام أن المرء المنعم في الدنيا يغمس في النار غمسة ثم يقال ( 3 ) : أرأيت خيرا قط فيقول : لا ما رأيت خيرا قط ! هذا في غمسة ، فكيف بمن يبقى خمسين ألف سنة يجدد له فيها أضعاف العذاب على انه قد صح عن النبي عليه السلام [ 242 / أ ] من طريق أبي سعيد الخدري ( 4 ) أن آخر أهل النار دخولا الجنة وخروجا من النار ، وأقل أهل الجنة منزلة ، رجل أمره الله أن يتمنى فيتمنى مثل ملك ملك كان يعرفه في الدنيا فيعطيه الله مثل الدنيا كلها عشر مرات ، وهذا حديث صحيح ، فلا يدخلنكم فيه داخلة لبراهين يطول فيها الكلام ولصغر قدر الأرض وقلته في الإضافة إلى قدر الآخرة وسعتها ، يعلم ذلك من علم هيئة العالم وتفاهة الأرض في عظيم السموات . ولعمري إن هذه فضيلة عظيمة ، لا سيما إذا أفكرنا أنها خالدة لا تنقضي أبدا . ولكن إذا أفكرنا فيما
পৃষ্ঠা ১৫৮