فهذه الوقفة لا يعدل همها والإشفاق منها سرور الدنيا كله ، ولكنهم ناجون من النار داخلون الجنة ، لأنه لا دار سواهما ، فمن نجا من النار فلابد له من الجنة ، وليتنا نكون من هذه الصفة ، فو الله إنها لمن أبعد ( 1 ) آمالي التي لا أدري كيف التوصل إليها إلا برحمة الله ، وأما بعمل أعلمه مني فلا . ثم مرتبة تاسعة وهي مرتبة نشبة ( 2 ) ومحنة وبلية وورطة ومصيبة وداهية ، نعوذ بالله منها ، وإن كانت العاقبة إلى عفو وإقالة وخير ، وهي حال امرئ مسلم خفت موازينه ورجحت كبائره على حسناته ، فهؤلاء الذين وصفوا في الأحاديث الصحاح أن منهم من تأخذه النار إلى أنصاف ساقيه ، ومنهم من يبقى فيها ما شاء الله من الدهور ، كما وصف النبي عليه السلام في مانع الزكاة ( 3 ) انه يبقى في العذاب الموصوف في الحديث يوما كان مقداره خمسين ألف سنة ، ثم يرى مصيره إلى جنة أو إلى نار ، فيا لها بلية ما اعظمها ؛ وكما نص عليه السلام انه سأل أصحابه ( 4 ) : ' من المفلس عندك ' قالوا : يا رسول الله ، الذي لا دينار له ولا درهم ، فاخبرهم عليه السلام [ 241 ب ] أن المفلس هو الذي يأتي يوم القيامة وله صيام وصلاة وصدقة فيوجد قد شتم هذا ، وقتل هذا وظلم هذا ، وأخذ مال هذا ، فينتصفون من حسناته حتى إذا لم يبق له حسنة أخذ من سيئات هؤلاء الذين ظلم فرميت عليه ، ثم قذف به في النار . وهذا معنى قوله تعالى : { وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون } ( العنكبوت : 13 ) ، فيبقى هؤلاء في النار على قدر ما أسلفوا ، حتى إذا بقوا كما ( 5 ) جاء في الحديث الصحيح ، جاءت الشفاعة التي ادخرها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وجاءت الرحمة التي ادخرها الله لذلك اليوم الفظيع والموقف الشنيع وأخرجوا كلهم من النار فوجا بعد فوج بعد ما امتحشوا أو صاروا ( 6 ) حمما . والله أيها الاخوة لولا أن عذاب الله لا يهون منه شيء ولا يتمناه عاقل لتمنيت أن أكون من هؤلاء خوفا من خاتمة سوء ، وأعوذ بالله مما يوجب الخلود ويقتضي جوابه تعالى إذ يقول : { اخسئوا فيها ولا تكلمون } ( المؤمنون : 108 ) ولكن يمنعني من
পৃষ্ঠা ১৫৭