فهذه ثانية . وأما الثالثة : مجاهد في سبيل الله عز وجل ، فإنه شريك لكل من يحميه بسيفه في كل عمل خير يعمله ، وإن بعدت داره في أقطار البلاد ، وله مثل أجر من عمل شيئا من الخير في كل بلد أعان على فتحه بقتال أو حصر ( 1 ) ، وله مثل أجر كل من دخل في الإسلام بسببه أو بوجه له فيه أثر إلى يوم القيامة . فيا لها حظوة ما أجلها أن يكون لعله في بعض غفلاته ونحن نصوم له ونصلي . واعلموا أيها الاخوة الأصفياء أن هذه الثلاث سبق [ إليها ] الصحابة رضي الله عنهم ، لأنهم كانوا السبب في بلوغ الإسلام إلينا وفي تعلمنا العلم ، وفي الحكم بالعدل فيما ولوا ، وفي فتوح البلاد شرقا وغربا ، فهم شركاؤنا وشركاء من يأتي بعدنا إلى يوم القيامة ، وفي كل خير يعمل به مما كانوا السبب في تعليمه أو بسطه أو فتحه من الأرض . واعلموا أن لولا المجاهدون ( 2 ) لهلك الدين ولكنا ذمة لأهل الكفر ، فتدبروا هذا فإنه أمر عظيم ، وإنما هذا كله إذا صفت النيات وكانت لله ، فقد سئل النبي عن عمل المجاهد وما يدانيه ، فأخبر عليه السلام انه لا يعدله إلا أمر لا يستطاع ، فسألوه عنه فقال كلاما معناه ( 3 ) : أيقدر أحدكم أن يدخل مصلاه إذا خرج المجاهد فلا يفتر من صلاة وصيام فقالوا : يا رسول الله ، لا نطيق ذلك . فاخبرهم أن هذا مثل المجاهد . وأخبرهم أيضا عليه السلام ( 4 ) : أن روث وبولها ومشيها وشربها الماء ، وإن لم يرد سقيها ، كل ذلك له حسنات . وسئل عن أفضل الأعمال ، فأخبر بالصلاة لوقتها وبر الوالدين والجهاد ( 5 ) . وسئل عليه السلام عن الرجل يقاتل حمية والرجل يقاتل ليرى مكانه فقال ( 6 ) : ' من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو شهيد ' أو كما قال ؛ وأخبر عليه السلام : أن الأعمال بالنيات . فهذه الثلاث المراتب هي مراتب السبق التي من أمكنه شيء منها فليجهد نفسه ،
পৃষ্ঠা ১৫৪