ومن آداب علمائنا: أن لا يمنعوا طالبا، وأن لا ينفروا راغبا، ولا يؤيسوا متعلما، وأن لا يلبسوا متفهما. وروي: «من لا يقنط الناس من رحمة الله ولا يؤيسهم من روح الله فهو الفقيه كل الفقه».
وندب للعالم أن يكون أوسع الناس صدرا، وأكثرهم صبرا، وأجملهم لقاء، وأحسنهم خلقا؛ لأنه يؤخذ منه خلائقه، ويحتذى به طرائقه. وعليه أن يوقر المتعلم كعكسه؛ لما روي: «وقروا من تتعلمون منه، ومن تعلمونه».
ومن طلب العلم بلا تكلف المؤنة واحتمال النصب، فقد التمس ما لايجد. ومن سئل عن علم فكتمه، وهو يعلمه، جيء به غدا ملجما بلجام من النار.
وروي: «تعلموا ما شئتم فلن تكونوا به عالمين حتى تعملوا به».
فصل
روى جابر: ويل لمن لم يعلم مرة، ولمن يعلم ولا يعمل سبع مرات؛ فالجاهل لا يعذر بجهله، والعالم ملعون إن لم يعمل بعلمه وهو مدحوض الحجة، مبخوس النصيب؛ ومن عمل بما علم علمه الله ما جهل.
ابن عباس: علم علمك، وتعلم علم غيرك.
وروي: «نضر الله عبدا سمع منا حديثا، فحفظه حتى يبلغه غيره...»
ولا يدرك قيل العلم من لا يطيل درسه، ولا يكد نفسه، وربما استثقل المتعلم كثرة الدرس والحفظ، واتكل على المراجعة، فهو كمن أطلق صيده ثقة بالقدرة عليه، فأعقبه خجلا وندما؛ وقالت العرب: حرف في قلبك خير من ألف في كتبك.
وروي: «لمذاكرة العلم ساعة أحب إلى الله من عبادة عشرة آلاف سنة».
أبو محمد: لايدرك العلم إلا من أسهر ليله بالتلاوة، وشغل نهاره بالبحث عن الرواية، حتى يحفظ الآيات، ويعرف المحكمات من المتشابهات، والناسخات من المنسوخات. فأما(15) إن نبذ القرآن وراء ظهره، وقطع بالبطالة أيام عمره، ثم تعرض للخوض فيه ولم يقف على معانيه، لم يكن له عدو أعدى من لسانه، ولا ناصح أعدل من شأنه.
পৃষ্ঠা ২০