[ 8] ومداد العلماء يوازن قيل دم الشهداء غدا؛ ومن لم يحزن على موت عالم فهو منافق؛ وتبكي لموته إن كان صالحا سكان السماوات سبعين يوما، فلا مصيبة أعظم من موته؛ وما من مؤمن يحزن على موته إلا كتب له ثواب ألف ألف عالم، وألف ألف شهيد، ورفع له عمل ألف ألف شهيد؛ كذا جاءت الروايات، قلت: ولعله عابد بدل شهيد الأخير.
ويروى: «من حقر العالم فقد حقرني، ومن حقرني فله النار».
ويرفع الله بالعلم أقواما، ويجعلهم في الخير قادة، تقتص آثارهم، وترفع أعمالهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، وكل رطب ويابس يستغفر لهم: حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، والسماء ونجومها، والأرض ونخومها(8).
وسئل أبو سعيد عن طلب المعيشة والتعليم(9) أيهما أفضل ؟ فقال: هذا مما يختلف فيه، وكله فضيلة، ولا أعلم أفضل من طلب العلم، وإن فرض طلب المعيشة، وإن كان طلب العلم فضيلة(10) فالفرض أولى؛ فمن له قوت يجري عليه ولو يوما بعد يوم(11) فطلب العلم أولى له، وإن خاف عدمه، فطلبه أولى من العلم، ويعتقد السؤال عما يلزمه في الدين والطلب متى قدر عليه.
الباب الثالث
في أصناف العلماء وما يتعلق بذلك
قال عز وعلا: {يرفع الله الذين آمنوا منكم...} (سورة المجادلة: 11) الآية، {نرفع درجات من نشاء...} الآية (سورة الأنعام: 83)، {وما يستوي الأحياء} وهم العلماء {ولا الأموات} (سورة فاطر: 22) وهم الجهال، وقيل المؤمنون والكافرون.
وروي: «الناس موتى إلا العالمون...» الحديث.
وأيضا: «أعلم الناس أبصرهم للحق إذا اختلف الناس، وإن قصر في العمل».
وأيضا: يبعث الله العباد ثم يميز منهم العلماء، فيقول لهم: «إني لم أضع فيكم علمي لأعذبكم به، إنطلقوا فإني قد غفرت لكم »؟
ومن وقر عالما فقد وقر ربه، ولا يزال الناس بخير ما عظموا الأشراف، وفضلوا العلماء، وأجلوا الشيوخ.
পৃষ্ঠা ১৮