وروي: «باض العلم بمكة، وفرخ بالمدينة، وانتشر بالبصرة، ونهض إلى عمان».
والناقلون له منها عن أبي عبيدة إلى عمان خمسة: موسى بن أبي جابر الأزكوي، وبشير بن المنذر النزواني، ومحمد بن المعلا الكندي، ومنير بن النير العجلاني، ومحبوب بن الرحيل القرشي؛ وفي رواية بدله(4) هاشم بن غيلان.كما أن حملته عنه أيضا إلى المغرب خمسة مشهورون في السير.
وفضائل(5) العلم، والأحاديث فيه والآثار أكثر من أن تحصى، وليس ذلك من غرضنا هنا.
فصل
نقيض العلم الجهل وهو داء والعلم دواؤه، والجهل عورة تستر، والعلم زينة تظهر؛ والجهل أقبح ما في الإنسان، والعلم أصلح ما فيه. ومن جهل شيئا فقد عاداه؛ فالأمم لما جهلوا فضل أنبيائهم عادوهم، إلا من صدق بهم.
ومن علامات الجاهل: معاداته للعالم، وازدراؤه عليه، وانصرافه عنه، وهو مشاهد.
والجاهل ميت ولو كان حيا، ومعدوم ولو كان موجودا، وفقير وإن كان غنيا.
وقيل لبعض الحكماء: ما لكم لا تعاتبون الجهال ؟ فقال: إنا لا نكلف العمي أن يبصروا، ولا الصم أن يسمعوا، ولا البكم أن ينطقوا؛ فهم كما ذكرهم الله عز وعلا(6): {صم بكم عمي} الآية (سورة البقرة: 18)
وينبغي للعاقل أن يخاطب الجاهل مخاطبة المتطبب للمريض، فإن الجهل طبع الإنس، والعلم حادث فيهم.
وروي: «من لم يتعلم عذب على الجهل، فلا أفضل عند الله من العلم، ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد».
وندب للمتعلم أن يقصد في تعلمه وجه الله، ونفي الجهل عن نفسه، وأن يرغب في كل فن إن أمكنه؛ وإلا فبعد أصول الدين العلم بالأحكام الفرعية، لعموم الجهل وكثرة البلوى.
وكفى بالعلم شرفا أن كل أحد يدعيه وإن لم يتأهل له(7)، وبالجهل قبحا أن كل أحد عن نفسه ينفيه، ولو كان به موسوما. فالملوك حكام والعلم حاكم عليهم، وقد خير سليمان عليه السلام بين العلم والمال، فاختار العلم، فأعطيه والملك أيضا.
পৃষ্ঠা ১৭