فإن قيل: فهل تقولون إن ما يقبح عندكم فعله، يقبح من الله تعالى فعله؟
قيل له: نقول إنه يقبح فعله من القديم تعالى، متى فعله على الوجه الذي إذا فعلناه عليه قبح منا. والذي يدل على ذلك أن الذي يقبح إنما يقبح لصفة ترجع إليه، لا لصفة ترجع إلى الفاعل.
ألا ترى أن المؤمن (¬1) فيه صفاته الراجعة إليه، مثال ذلك أن الخبر يقبح لكونه كذبا، فلو خرج عن كونه كذبا لحسن، وكذلك الضرب، قد يقبح لتعريه من المنافع، فلو حصلت فيه المنافع لحسن.
فبان بذلك أن الموجب لقبح الفعل هو ما يرجع إلى الفعل من الأحكام، فإذا كان ذلك كذلك وجب أن يقبح من القديم تعالى ما يقبح منا، إذا فعله على الوجه الذي لكونه عليه قبح منا فعله.
[ هل يعذب الله من لا ذنب له ]
فإن قيل: فهل يجوز أن يعذب الله أطفال المشركين في الآخرة؟
قيل له: لهم لا يجوز.
فإن قيل: فما الدليل على ذلك؟
قيل له: لأنه لا يحسن أن يعاقب إلا من يستحق العقاب، بارتكاب المعاصي، أو بالإنصراف عن الواجبات، أو بفعل. وقد علمنا أن الأطفال لم يرتكبوا شيئا من المعاصي، ولا انصرفوا عن شيء من الواجبات، وقد (¬2) قال الله تعالى: { ولا تزر وازرة وزر أخرى } [الأنعام:164، الإسراء:15، فاطر:18، الزمر:7]. وقال: { ولا يظلم ربك أحدا } [الكهف:49]. ولا ظلم أقبح من تعذيب الطفل، ولا جناية له اكتسبها، ولا جريرة اقترفها، ولا واجبا تركه.
পৃষ্ঠা ৬২