[الخلاف في محل العقل]
وأما الخلاف في محله: فهو واقع بيننا وبين الفلاسفة، وأصحاب الطبائع، فإنهم يقولون إن محله الدماغ.
وعمدتهم في ذلك: أنه إذا فسد الدماغ ذهب العقل، وهذا باطل؛ لأنا قد أجمعنا نحن وإياهم، بل الكافة، أن الكبد والطحال لا يتوهم حلول العقل فيهما، وإن كان بفسادهما يفسد العقل.
فإن قيل: إنا نريد الفساد مع بقاء الحياة.
قلنا: ونحن لا نسلم بقاء الحياة مع فساد الدماغ في مجرى العادة، ومذهبنا أن محله القلب، كما تقدم ذكره عن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين -عليه السلام- من قوله: (وعلق في صدره قلبا، وركب فيه لبا)، وهو مذهب الكافة من الأئمة الأعلام، وعلماء الإسلام، وقد احتج لذلك بعض علماء أهل العدل بأن الإنسان يجد العلم، والظن، والإعتقاد، والإرادة، والكراهة، والفكر، كأنها تتولد من ناحية صدره، وقد وقع الإجماع من العقلاء على نفيه عن جميع الأعضاء الباطنة مثل الطحال والكبد والرية، فلم يبق لحلوله جهة يتوجه الكلام فيها إلا القلب، وأجلى الأمور ما يجده الإنسان من نفسه، فلذلك قضينا بحلوله في القلب، وهذا القول يمكن أن يعارض بأن البخار إذا صعد إلى الدماغ فغطى عليه زال العقل، ومن قولهم: إن أهل العلة يعلمون ذلك عند البروء.
পৃষ্ঠা ৫২