فحللت منها بالبطا . . . ح وحل غيرك بالظواهر وأما قوله : يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ، فيمكن أن يكون من باب الحقائق ، ويمكن أن يكون من باب المجازات والاستعارات ، أما الأول فإنه يعني به طول مدة ولاية المتقدمين عليه ، فإنها مدة يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير .
وأما الثاني فإنه يعني بذلك صعوبة تلك الأيام ، حتى إن الكبير من الناس يكاد يهرم لصعوبتها ، والصغير يشيب من أهوالها ، كقولهم : هذا أمر يشيب له الوليد ، وإن لم يشب على الحقيقة .
واعلم أن في الكلام تقديما وتأخيرا ، وتقديره : ولا يرقى إلي الطير ، فطفقت أرتئي بين كذا وكذا ، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، ثم صبرت وفي العين قذى ، إلى آخر القصة ، لأنه لا يجوز أن يسدل دونها ثوبا ويطوي عنها كشحا ، ثم يطفق يرتئي بين أن ينابذهم أو يصبر ؛ ألا ترى أنه إذا سدل دونها ثوبا ، وطوى عنها كشحا فقد تركها وصرمها ، ومن يترك ويصرم لا يرتئي في المنابذة ! والتقديم والتأخير طريق لاحب ، وسبيل مهيع في لغة العرب ، قال سبحانه : ' الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ، قيما ' ، أي أنزل على عبده الكتاب قيما ، ولم يجعل له عوجا ، وهذا كثير .
وقوله عليه السلام : حتى يلقى ربه ، بالوقف والإسكان ، كما جاءت به الرواية في قوله سبحانه : ' ذلك لمن خشي ربه ' بالوقف أيضا .
التعريف بأبي بكر
ابن أبي قحافة المشار إليه ، هو أبو بكر ، واسمه القديم عبد الكعبة ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله . واختلفوا في عتيق ، فقيل : كان اسمه في الجاهلية ، وقيل : بل سماه به رسول الله صلى الله عليه وسلم . واسم أبي قحافة عثمان ، وهو عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب . وأمه ابنة عم أبيه ، وهي أم الخير بنت صخر بن عمرو بن كعب بن سعد . أسلم أبو قحافة يوم الفتح ، جاء به ابنه أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو شيخ كبير رأسه كالثغامة البيضاء ، فأسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : غيروا شيبته .
وولي ابنه الخلافة وهو حي منقطع في بيته ، مكفوف عاجز عن الحركة ، فسمع ضوضاء الناس ، فقال : ما الخبر ؟ فقالوا : ولي ابنك الخلافة ، فقال : رضيت بنو عبد مناف بذلك ؟ قالوا : نعم ، قال : اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت .
ولم يل الخلافة من أبوه حي إلا أبو بكر وأبو بكر عبد الكريم الطائع لله ، ولي الأمر وأبوه المطيع حي ، خلع نفسه من الخلافة ، وعهد بها إلى ابنه . وكان المنصور يسمي عبد الله بن الحسن بن الحسن أبا قحافة تهكما به ، لأن ابنه محمدا ادعى الخلافة وأبوه حي .
পৃষ্ঠা ৯৮