الأصل : ومنها في المنافقين : زرعوا الفجور ، وسقوه الغرور ، وحصدوا الثبور ، لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله من هذه الأمة أحد ، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا . هم أساس الدين ، وعماد اليقين ، إليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة . الآن إذ رجع الحق إلى أهله ، ونقل إلى منتقله . الشرح : جعل ما فعلوه من القبيح بمنزلة زرع زرعوه ، ثم سقوه ؛ فالذي زرعوه الفجور ، ثم سقوه بالغرور ؛ والاستعارة واقعة موقعها ، لأن تماديهم وما سكنت إليه نفوسهم من الإمهال ، هو الذي أوجب استمرارهم على القبائح التي واقعوها ، فكان ذلك كما يسقى الزرع ويربى بالماء ويستحفظ .
ثم قال : وحصدوا الثبور ، أي كانت نتيجة ذلك الزرع والسقي حصاد ما هو الهلاك والعطب .
وإشارته هذه ليست إلى المنافقين كما ذكر الرضي رحمه الله ، وإنما هي إشارة إلى من تغلب عليه ، وجحد حقه كمعاوية وغيره . ولعل الرضي رحمه الله تعالى عرف ذلك وكنى عنه .
ثم عاد إلى الثناء على آل محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال : هم أصول الدين إليهم يفيء الغالي وبهم يلحق التالي ، جعلهم كمقنب يسير في فلاة ، فالغالي منه أي الفارط المتقدم ، الذي قد غلا في سيره يرجع إلى ذلك المقنب إذا خاف عدوا ، ومن قد تخلف عن ذلك المقنب فصار تاليا له يلتحق به إذا أشفق من أن يتخطف .
ثم ذكر حق الولاية ، والولاية : الإمرة ، فأما الإمامية فيقولون : أراد نص النبي صلى الله عليه وسلم عليه وعلى أولاده .
ونحن نقول : لهم خصائص حق ولاية الرسول صلى الله عليه وسلم على الخلق .
ثم قال عليه السلام : وفيهم الوصية والوراثة ، أما الوصية فلا ريب عندنا أن عليا عليه السلام كان وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن خالف في ذلك من هو منسوب عندنا إلى العناد ، ولسنا نعني بالوصية النص والخلافة ، ولكن أمورا أخرى لعلها - إذا لمحت - أشرف وأجل .
وأما الوراثة فالإمامية يحملونها على ميراث المال والخلافة ، ونحن نحملها على وراثة العلم .
পৃষ্ঠা ৮৯